للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٤ - سلامته من التعقيد المعنوي]

ويقصد بالتعقيد المعنوي الكلام الذي خفيت دلالته على المعنى لخلل واقع في معناه، بسبب انتقال الذهن من المعنى الأول المفهوم لغة من اللفظ، إلى المعنى الثاني المقصود بحيث يحتاج المعنى البعيد إلى تكلّف وتعسّف في التفسير.

ومن التعقيد المعنوي ما جاء في قول العبّاس بن الأحنف (١) (الطويل):

سأطلب بعد الدّار عنكم لتقربوا ... وتسكب عيناي الدموع لتجمدا

طلب الشاعر البعد عن أحبّته غير عابئ بآلام البعد لتعليله نفسه بوصال دائم، وفرح لا يزول بعد أن عاد من سفره

غنيّا ليطول اجتماعه بأحبته. فقد عبر الشاعر عما يوجبه فراق الأحبة من لوعة وحزن ب (تسكب عيناي الدموع) فكان مجيدا في تعبيره لأنّ البكاء أمارة على الحزن، وكنى ب (جمود العين) عن السرور والبهجة اللذين أصاباه بعد اجتماعه بأحبته. لكنه أخطأ الهدف لأن جمود العين يعني جفاف الدمع وعدم جريانه عند الدافع إليه (الحزن على فراق الأحبة) لا عمّا أراده من السرور، إذ متى كان البكاء أمارة على السرور؟

أضاف المحدثون عيبا خامسا هو:

[٥ - كثرة التكرار وتتابع الإضافات]

مثال ذلك قول المتنبي في فرسه (٢) (الطويل):

وتسعدني في غمرة بعد غمرة ... سبوح لها منها عليها شواهد


(١). ديوان العبّاس بن الأحنف.
(٢). ديوان المتنبي، شرح العكبري ١/ ٢٧٠.

<<  <   >  >>