للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - التورية المرشّحة:

وهي التي ذكر فيها ما يلائم المورّى به، وهو أقوى درجات الإيهام في التورية لأنه يقوّي المعنى القريب فيخفي المعنى البعيد المقصود ويكون هذا الذكر:

[أ- قبل لفظ التورية]

ومثالها قوله تعالى وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ الذاريات: ٤٧.

والتورية في (بأيد) لأنها تحتمل معنيين:

- المعنى القريب: وهو الجارحة، اليد الحقيقية. وهذا المعنى مورّى به، وقد سبقت بلفظ (بنيناها) على جهة الترشيح وهو من لوازم اليد.

- المعنى البعيد: قوّة الخالق وعظمته وهذا المعنى مورّى عنه، وهو المراد؛ لأن الخالق جل وعلا منزّه عن المعنى الأول.

ومنها أيضا قول يحيى بن منصور (الطويل):

فلما نأت عنّا العشيرة كلّها ... أنخنا فحالفنا السيوف على الدّهر

فما أسلمتنا عند يوم كريهة ... ولا نحن أغضينا الجفون على وتر

فالتورية في (الجفون) لاحتمال اللفظ معنيين هما:

- المعنى القريب: وهو جفون العين الحقيقية، وهذا هو المعنى المورّى به، وقد سبقه لازم من لوازمه على جهة الترشيح.

(أغضينا) لأن الإغضاء من لوازم العين.

- المعنى البعيد: جفون السيوف (أغمادها)، وهو المعنى المورّى عنه. وهذا هو المعنى المراد لأن السّيف إذا أغمد انطبق الجفن عليه، وإذا جرّد انفتح.

<<  <   >  >>