للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا أن يسمى الكلام الواحد فصيحا بليغا إذا كان واضح المعنى، سهل اللفظ، جيد السبك، غير مستكره فجّ، ولا متكلف وخم، ولا يمنعه من أحد الاسمين شيء فيه من إيضاح المعنى وتقويم الحروف» (١).

أما صاحب الصّحاح فقد قال: البلاغة هي الفصاحة (٢). وابن سنان قال عنهما: «إن الفصاحة مقصورة على وصف الألفاظ، والبلاغة لا تكون إلا وصفا للألفاظ مع المعاني، لا يقال في كلمة واحدة لا تدل على معنى يفضل عن

مثلها بليغة وإن قيل فيها فصيحة، وكل كلام بليغ فصيح، وليس كل فصيح بليغا» (٣).

وقال عنهما ابن الأثير: «وسمي الكلام بليغا لأنه بلغ الأوصاف اللفظية والمعنوية، والبلاغة شاملة للألفاظ والمعاني، وهي أخص من الفصاحة، كالإنسان والحيوان، فكل إنسان حيوان وليس كل حيوان إنسان وكذلك يقال: كل كلام بليغ فصيح، وليس كل كلام فصيح بليغا» (٤).

أما الخطيب القزويني فهو آخر من وقف عند البلاغة من المتأخرين، فجمع بحوث العلماء الذين سبقوه، ورتب بحث الألفاظ ترتيبا علميا فجعل البحث عن معنى «الفصاحة» مقدمة لعلوم البلاغة، وأصبح للفصاحة مضمونها وجعلها صفة للكلمة المفردة، والكلام والمتكلم، فقال:

«للناس في تفسير الفصاحة والبلاغة أقوال مختلفة، لم أجد- فيما بلغني منها- ما يصلح لتعريفها به، ولا ما يشير إلى الفرق بين كون الموصوف بهما الكلام وكون الموصوف بهما المتكلم؛ فالأولى أن نقتصر على تلخيص القول فيهما بالاعتبارين، فنقول:


(١). المصدر نفسه، ص ١٤.
(٢). الصحاح مادة «بلغ».
(٣). سرّ الفصاحة، ابن سنان، ص ٤٩.
(٤). المثل السائر، ابن الأثير ١/ ١١٨.

<<  <   >  >>