لأنّها استحسنت رؤية غير الحبيب فكان الدمع قصاصا لها. وفي هذا التعليل خيال لافت وذكاء خارق ومخالفة للمألوف يجنح إليه الفن وينفرد به الفنّان الأصيل الذي يسعى للخروج على المماثلة والمشاكلة ويجنح للفرادة والتميّز.
الثالث: وصف غير ثابت: وهذا الوصف يجوز أن يكون ممكنا كما يجوز ان يكون غير ممكن.
١ - الوصف غير الثابت الممكن، ومثاله، قول مسلم بن الوليد (البسيط):
يا واشيا حسنت فينا إساءته ... نجّى حذارك إنساني من الغرق
خالف الشاعر المألوف في معنى ذهب إليه وهو حسن إساءة الواشي.
وأن يستحسن المرء وشاية الواشي أمر ممكن، ولكنّه خالف الناس في استحسانه هذا فاضطر إلى تبرير الاستحسان قائلا: إن حذار الواشي منعه من البكاء لكي لا يشمت به وإلا فإن البكاء كان قد أغرق إنسان عينه بالدمع (الإنسان: البؤبؤ).
٢ - وصف غير ثابت وغير ممكن كقول القزويني (البسيط):
لو لم تكن نيّة الجوزاء خدمته ... لما رأيت عليها عقد منتطق
ذهب الشاعر إلى أن الجوزاء تريد خدمة الممدوح، وهذه صفة غير ثابتة وغير ممكنة أيضا لا بل هي ممتنعة، ولكنّه علّلها بعلّة طريفة ادّعاها خيال مقبول عند ما تخيّل النجوم تحيط بالجوزاء فتشكّل حولها