وفي بعض الروايات (نفقة فاضلة). وهذا يحتمل وجهين: أحدهما أن يراد بها النفقة البينة ذات الرواء والموقع الجميل. والآخر يراد بها المال الفاضل عن الحقوق المعجلة، فلا يكون المنفق بإنفاقه في سبيل الله مضارًا زوجته أو ولده أو أباه أو أمه أو عبده وأمته أو بحريمه أو نفسه.
ومنها ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:(من جهز غازيًا أو حاجًا أو معتمرًا أو خلفه في أهله، فله مثل أجره). وعنه صلى الله عليه وسلم:(من أعان مجاهدًا أو مكاتبًا في رقبته أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله).
ومنها ما روي عنه صلى الله عليه وسلم:(والذي نفسي بيده لو أن رجالًا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني، فلا أجد ما أحملهم عليه، ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده، لوددت أن أقتل في سبيل الله، ثم أحيى ثم أقتل ثم أحيى ثم أقتل، ثم أحيى ثم أقتل).
ومنها تعظيم حياته من يخون مجاهدًا في سبيل الله. روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(فضل نساء المجاهدين على القاعدين في الحرمة كأمهاتهم. فلا تخالف رجل من القاعدين إلى امرأة رجل منهم فيخونه فيها إلا وقف له يوم القيامة، فيقال له: هذا أخانك في أهلك، فخذ من حسناته ما شئت فما ظنكم يراه يدع من حسناته شيئًا). وهذا- والله أعلم- لعظم حق المجاهد علي، فإنه ناب عنه، وأسقط بجهاده فرض الخروج عنه، ووقاه مع ذلك بنفسه، وجعل نفسه حصنًا وجنة دونه، فكانت خيانته له في أهله أعظم من خيانة الجار في أهله، كما يحكون: خيانة الجار أعظم من خيانة البعيد والله أعلم. ومنها ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:(مثل المجاهد مثل القائم الذي لا يفتر، ومثل الصائم الذي لا يفطر حتى يرجع المجاهد إلى أهله).