وأما كفارة الظهار، فقد قال الله عز وجل فيها:{والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا} فأوجب على ناقض ظهاره كفارة، والناقض من يكذبه. وهو إذا أمسك امرأته بعدما شبهها ببدن أمه فأمكنه فراقها، فقد كذب ظهاره، فوجب عليه الكفارة. ومن الناس من استدل على أن هذه الكفارة إيمان بأن الله تعالى لما ذكرها أوجبها قال:{ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله}. أي قال: ليكونوا مطيعين لله تعالى واقفين عند حدوده لا يتعدوها، فمسي التكفير لأنه طاعة ومراعاة للحد إتمامًا. فثبت أن كل ما أشبهه فهو إيمان.
فإن قيل: معنى قوله عز وجل ذلك {لتؤمنوا بالله ورسوله} أي لئلا يعود للظهار الذي هو من القول وزور. قد يجوز أن يكون هذا مقصودًا، والأول مقصودًا. فيكون المعنى ذلك لئلا يعودوا فيقولوا المنكر والزور. تدعونها طاعة لله تعالى إذ كان قد حرمها. وليتجنبوا المظاهرة منها إلى أن يكفروا إن كان الله تعالى منع من مسببيها، ويكفروا إذا كان الله تعالى أمركم بالكفارة وألزمكم بإخراجها، فتكونون بهذا كله مؤمنين بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لأنها حدود يحفظونها وطاعات يؤدونها. والطاعة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم إيمان، وبالله التوفيق.
وأما كفارة اليمين فإن الله عز وجل قال فيها:{لا يؤاخذكم الله باللغو في إيمانكم، ولكن يؤاخذكم بما عقدتم للأيمان}. فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم، أو تحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم. واحفظوا أيمانكم.
ومعنى هذه الكفارة أن قول الحالف تصير عند الحنث كذبًا ثم يتغلظ بما يتصل به من نقض عهد الله تعالى، فتجب الكفارة فيه. وليس ينكر أن يكون الكذب بانفراده غير موجب للكفارة، إلا أنه إذا تغلظ بنقض عهد الله تعالى أوجبها. فإن رجلًا لو قال لأجنبية أنت على كظهر أمي، ثم يمسها مكانه بشهوة، لم تكن عليه كفارة وقد كذب فيما قال. لأن الأجنبية يحل نكاحها ولا يحل نكاح الأم، والجارية تحل مباشرتها ولا تحل