للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مباشرة الأم. حتى إذا قال ذلك لزوجته التي يجدها بأمانة الله، واستحل فرجها بكلمة الله يغلظ كذبه، فأوجب الكفارة. وإذا كان الزنا قد يخف حكمه، فلا يوجب إلا الجلد والتعزير. وقد يتغلظ حكمه بلا حصان فيوجب الرجم، وأخذ المال الحرام قد يوجب قطع جارحة واحدة مرة، ثم يلغظ بانضمام معنى إليه فيقتضي كفارة والله أعلم.

وأما كفارة المستبشر في صيام رمضان، فإنها رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم، بأن إعرابيًا جاء فقال: (هلكت يا رسول الله واقعت امرأتي في رمضان. فقال له: اعتق رقبة. فقال: لا أجد، قال: صم شهرين متتابعين. قال: فهل أتيت إلا من الصوم قال: فاطعم ستنين مسكينًا. قال: لا أجد. فقال: أجلس، فجلس. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق من تمر، فقال: خذه وتصدق). فهذه الكفارة هي كفار الظهار التي نص عليها في القرآن. وهم يشبهان كفارة القتل في تحرير الرقبة، بالإيجاب أولًا والنقل عنه بالعجز إلى صيام شهرين متتابعين ثم يفارقها بها في الطعام. فإنه يجوز للقاتل إذا عجز عن صيام رمضان لمرض أن يطعم، كما يجوز ذلك للمظاهر، ولا يجوز له أن يطعم إلا أن يعجز من الكبر أو يموت فيطعم عنه. وهذا تغليظ على القاتل بإيفاء الصوم في ذمته، فتكون رقبته مرتهنة بالكفارة ولا يترخص بالانتقال إلى أخف الكفارات وهو يرجو أن يكفر بما فوقه والله أعلم.

ومما يقرب من الكفارة ما يجب باسم الفدية، وإنما فصل بينهما لأن الكفارة لا تجب إلا عن ذنب تقدم. والفدية قد تجب بالذنب، وقد تجب ما ليس بذنب، ثم إن جميع ذلك فدية، وجميعه كفارة. أما إنه فدية، فلأنه ليس بشيء من ذلك يجب إلا جبرًا لما أسلم، إما من حرمة الإسلام وإما من حرمة الإحرام، وإما من حرمة الشهر والصيام وإما من جميعه كفارة، فلأنه يراد به التقرب إلى الله تعالى بشيء يعفى على أثر أمر قد وقع، ذنبًا كان وغير ذنب.

فظهر بما ذكرناه أن كلا فدية وكلا كفارة، وفدية الصوم واحدة. وهي الرجل يعجز

<<  <  ج: ص:  >  >>