للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والزيتون والرمان مشتبهًا وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون}.

وقال: {ومن آياته إنك ترى الأرض خاشعة، فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت، وأنبتت من كل زوج بهيج} ثم إن الله عز وجل جعل مما ينبت من الأرض أصنافًا، فمنها: الأقوات التي جعلها مادة لنفوس الحيوانات، وجعلها على أن لا يتنافى إلا بها. وجعل الأقوات أصنافًا وفاوت بينها في المنافع والطعوم، لأن ذلك الدر أنعم من أن كانوا يقتصدون على صنف واحد. ومنها الثمار هي أصناف، لكل صنف منها لذة وطعم ومنفعة على الانفراد. ومنها ما يقتصر منها على الأذهان المختلفة المنافع، الكثيرة الفوائد.

ومنها التوابل والأباريز والنقول: (وهي) أصناف، ولكل صنف منها فائدة ومنفعة. وكل شيء مما ذكرنا قوتًا كان أو فاكهة أو دواء أو إزار، فهو زائد على قدر الحاجة ومحاق في الكثرة على ما تقع به الكفاية.

فإن قيل: أليس منها السموم؟ قيل: ليس منها السموم. قيل ليست بخالية على الفائدة لأنها تعدل باعبادها، فينتفع بها في دفع ضرر ذوات السموم، ولا ينتبذ بها على قدر النعمة في الأقوات والثمار وسائر البركات، وذلك من أعظم الفوائد. ومنها أوراق الشجر التي جعلت لدود القز، فيكون منها القز الذي ننسج منه أصناف الملابس والحرير وأوراق الشجر التي يقع عليها النحل فيخرج من بطونها العسل الذي فيه شراب ودواء وطعام وغذاء.

ومنها القطن الذي تكون منه عامة الملابس على كثرتها ونفعها والإغناء بالرجال والنساء في الصيف والشتاء عنه. ومنها الكتان الذي يتخذ منه لطائف اللباس. ومنها الكلأ الذي جعله الله على كثرة أصنافها أقوات للدواب والأنعام حتى إذا رعته أدته إلى الناس شحمًا ولبنًا على ما قد عرف من تفصيل ذلك وترتيبه. وقد جمع الله هذا كله في قوله عز وجل: {فلينظر الإنسان إلى طعامه، إنا صببنا الماء صبًا، ثم شققنا الأرض شقًا فأنبتنا فيها حبًا وعنبًا وقضبًا، وزيتونًا ونخلًا، وحدائق غلبًا، وفاكهة وأبًا، متاعًا لكم ولأنعامكم}.

<<  <  ج: ص:  >  >>