يؤمنوا بالتأويل أولا، فيعتقدوا أنه من عند الله تعالى، ثم أن يعملوا إن كان فيه فرض سبيله أن ينفذ. فإن السورة التي قيل فيها:{وإذا ما أنزلت فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا، فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون}. هي التي قيل فيها:{وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولو الطول منهم وقالوا: ذرنا نكن مع القاعدين}. فعلمنا أن قوله عز وجل:(فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا) إنما أريد بها أنها إذا أنزلت بالجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جاهدوا ولم يتحققوا عنه مستأذنين ولا غير مستأذنين.
ألا ترى أنه قال:{وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا على رجسهم وماتوا وهم كافرون}. إنما أراد به أهل الطول من المنافقين الذين لا يكون لهم عذر مقعدهم ومع ذلك يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم:{ذرنا نكن مع القاعدين} كل ذلك فعل يحدثونه فيحدث لهم به زيادة إيمان أو زيادة رجس، فصح أن المراد بالآية ما قلنا والله أعلم.
وأما قوله: أن المراد بالآية أن الآيات إذا أنزلت أظهرت الحجج وأزالت الشبهة، فيزاد المؤمن بذلك قوة في الإيمان!
فجوابه: أن تلك القوة ليست إلا فضل تصديق ما كان يحدث منه زيادة إيمان، فقد بينا أن كل طاعة تصديق، فليكن حدوثها زيادة إيمان، هذا ومن قوله: إن ما كان قبل نزول الآية فهو إيمان تام ولا معنى للزيادة على التمام ثم ينقصه على نفسه، ويزعم أن فضل التصديق الواقع بنزول آيات يتضمن على الحق دلالات زيادة حادثة على ما تقدم من الإيمان.
فيقال له: إما أن لا يكون الأول تاما بالإطلاق فيكون، تعوض الزيادة، أو إن كان تاما فقد يكون تمام فوق تمام. فلا ينكر أن يرد عليه من الطاعات ما يزيده تماما وبالله التوفيق.
وكذلك ما قاله في الثبات على الإيمان لأنه إن كان أراد أن السور إذا أنزلت أراد بها نفيهم حتى يصير ذلك سببا للثبات لولاه لكان لا يقع منهم، فهو تأويله الأول، وإذا