ويروى أن رجلًا سمع الديك يصرخ فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا تسبوا الديك، فإنه يدعو إلى الصلاة) ومعنى هذا إن العياذة جرت بأنه يصرخ صرخات متتابعة عند طلوع الفجر، وكذلك عند الزوال، فطرة فطره الله عليها، فيذكر الناس بصراخه، إلا أن بالحقيقة يقول الناس بصراخه قد جاءت الصلاة، أو يجوز لهم أن يصلوا بصراخه من غير دلالة سواها، إلا من امتحن منه ما لا يخلف، فصار ذلك إمارة. وفي نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن سب الديك ما في صراخه من هذه الفائدة، دليل على أن كل مستفاد منه خير، فلا ينبغي أن يسب ويستهان، بل حقه أن يكرم ويتلقى بالإحسان والله أعلم.
نجز الجزء الثاني بحمد الله ومنه وخفي لطفه وكرمه. ويتلوه في الجز الثالث- إن شاء الله تعالى- الرابع والثلاثون من شعب الإيمان- وهو باب في حفظ اللسان عما لا يحتاج إليه. وكان الفراغ من نسخه في العشر الأول من شهر جمادي الآخر سنة ست وأربعين وسبعماية. أحسن الله نفعها في خير وعافية. نفع الله به من أمر بنسخه، ومن نسخه، ومن نظر فيه، وقرأه، وغفر له، ولهم ولجميع المسلمين. وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين. الحمد لله رب العالمين.