للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعمر بن عبد العزيز رجل من أهله: إن بنتا لي خرج في بطنها دمل، قال: فهلا قلت: تحت يدها. وكان من أعف الناس لسانا.

ومما يجب حفظ اللسان عنه الفخر بالآباء، حصوصا بآباء الجاهلية، والتعظيم بهم. وذلك لا يحل لقول الله عز وجل:} يا آيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم {فأخبران أصل الجميع واحد، وأنهم إنما يتفضلون بالتقوى ليعلم أن لا فخر لبعضهم على بعض باب واحد.

ومثل ذلك جاء بالخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كلكم بنو آدم) ثم تلاه: (ليس لأحد على أحد فضل إلا بالتقوى).

فإن قيل: قد جاء عنه أنه قال: (إن الله اصطفى كنانة من العرب، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى هاشما من قريش، واصطفاني من هاشم).

قيل: لم يرد بذلك الفخر، إنما أراد تعريف منازل المذكورين ومراتبهم، كرجل يقول: كان أبي فقيها لا يريد الفخر، وإنما يريد به تعريف حاله دون ما عداه، وقد يكون أراد به الإشارة بنعمة الله تعالى عليا في نفسه، وفي آبائه، على وجه الشكر بها، وليس ذلك من الاستطالة والفخر في شيء. ومن ذلك أن يحلف الرجل بأبيه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تحلفوا بآبائكم ولا بأسمائكم ولا بشيء دون الله) ومما ينبغي أن يعرف حكمه مما يدخل في هذا الباب التعريض، ومنه ما يجوز، ومنه ما لا يجوز، وجملته أن ما كان التصريح به حراما لعينه، فالتعريض به حرام. غير أن حرمته بمكان قصد المعرض دون ما سواه.

وما كان التصريح به حلالا أو حراما لعينه، لكن لا يحل بحال والوقت، فالتعريض جائز، والتصريح بالقذف باطل حرام، كذلك التعريض به حرام، والتصريح بالكفر والتصريح بالطعن في نسب الرجل، والافتخار عليه حرام، فالتعريض به مثله.

<<  <  ج: ص:  >  >>