لك من حلاله، لو كنت تقدمت إليك لعقبتك، دعني وتب إلى الله، أما إنك لو عدت بعد التقدمة إليك ضربتك ضرب وجيعا، وحلقت رأسك مثله، ونفيتك من بلدك، وجعلت سكنك نهبة لفتيان أهل المدينة فقام عمر وبه من الشر والحزن ما لا يعلمه إلا الله.
قال النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما ولي. (أن هذه العصابة، من مات منهم من غير توبة حشره الله يوم القيمة عريانا لا يستقر من الله بهديه كلما قام صرع).
ثم إن الدف كما فارق ضربه للغناء ضربه للنكاح، فكذلك الطبل يفارق ضربه للغناء ضربه لركوب الغزاة ولحمل الحجيج أو نزولهم، أو لأجل العيد، لأن ذلك ليس للهو، وما خلص للهو فذاك هو الممنوع والله أعلم.
إلا أن ضرب الطبل إذا حل للرجال، وضرب الدف لا يحل إلا للنساء، لأنه في الأصل من أعمالهن. ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء.
فصل
وكل غناء ذكرت أنه حرام فقليله وكثيره سواء، وكله مسقد للعدالة وهو الذي وردت الآثار عن السلف بالنهي عنه. وأما ما يحل من الغناء، فإنه إذا قل من صاحبه وكان في وقت دون وقت، ولم يتشاغل به عن الصلاة، وغيرها من الطاعات لم تسقط عدالته. وإن أدمنه وتجرد له فصار المغنون يغنونه ويجتمعون عنده ويتشاغلون به عن الصلوات سقطت بذلك عدالتهم، ووجب على الإمام أن يردعهم عنه وكل عاجل أو حرم حرم فهو باطل، لأن الباطل ما لا قربة إلى الله تعالى فيه ولا يصلح التوصل به إلى قربه، هذا صفة الغناء إلا أنه ليس كل ما يسمى بالباطل يحرم. فإن اللعب بالصولجان باطل ولا يكره وكذلك المصارعة، فقد تصارع الحسن والحسين رضي الله عنهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم إيه يا حسن، وجبريل عليه السلام يقول: يا حسين.