من الفرح. وقال علي رضي الله عنه: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وجعفر وزيد، فقال لزيد:(أنت أخونا ومولانا فحجل، ثم قال لجعفر: أشبهت خلقي وخلقي فحجل، ثم قال لي: أنت مني وأنا منك فحجلت).
وأما ضرب القصب فإنه إشارة إلى وزن الشعر وتقطيع اللحن فقط وليس للتطريب ولا له والإسماع يستلذه، وإن لم يكن معه قول، فكان الضرب بالقصب على وسادة، والضرب بالمطرق على الطشت سواء والله أعلم.
وصارت منزلة تحريم الدن والمزهر والطبل على الغناء منزلة تحريم النياحة على الميت. فإنما لما كانت تقوي الغم وتعظم الحسرة كانت لتشفع فعل الله وقضائه عند المصائب وأشبهت النائحة من يوجد منه شيء فيقوم بوضعه ومدحه وذكر مرافقه وفوائده مبالغة في تشنيع فعل الأخذ وتهجين أمره، فحرمت النياحة لما فيه من إفساد قلب المصاب والحيلولة بينها وبين الصبر، واتهمه أن الإساءة من الله عز وجل إليه عظيمة وأديانه من أن يظن أنه فيهم مظلوم فيضطهد. فكذلك الملاهي تسعد لناس وتزعجهم، وتحول قلوبهم نحو الفساد وتلهيها عن الصلاح، فكان حكم ما يفسد القلب بم يملؤه من اللهو والطرب حكم ما يفسده بها يملأه من الحزن والأسف لذا كان القلب إذا امتلأ من اللهو لم يطق معه صاحبه صبرا عن المفاسد. كما أنه إذا امتلأ من الحزن لم يطق معه صاحبه صبرا على المصيبة والله أعلم.
وقد قرب النبي صلى الله عليه وسلم حيث قل فيها روي عنه. (صوتان ملعون في الدنيا والآخرة). صوت مزمر عند نعمة إن حدث، وصوت رنة عند مصيبة إن نزلت) وذلك والله أعلم إشارة إلى ما يثيب من مشاكل الأمرين، وبالله التوفيق.
ويروي في هذا الباب أن عمر بن قرة رضي الله عنه جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إن الله كتب علي لشقوة، فلا أرني أرزق إلا من كفي وفمي، فإذن (لي) بالغناء من غير فاحشة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا آذن لك ولا كرامة ولا نعمة، كذبت علي والله، لقد رزقك الله حلالا طيبا، فاخترت ما حرم الله عليه من رزقه مكان ما أحل