لأن النظر إليها في تلك الحال لا يكون إلا للتلهي بجميع ما يشاهد منها، فذاك هو حرام وأما تحريم ثمنها فمعناه أن يوصل البائع إلى فضل على ثمنها للغناء حرام، ودفع المشتري فضلا عن الثمن الذي هو لها لأجل الغناء حرام. فكل واحد من الأمرين حرام، لكن العقد مع ذلك ماض، والملك به واقع، وهو كمن يشتري عنبا ليعصرها خمرا، اشترى العنب بهذا الغرض حرام، ودفعه الثمن حرام. والبائع إن علم ذلك منه كان تمكينه منه حراما، وأخذه الثمن حراما. ولكن العقد يكون ماضيا، والملك من الجانبين واقعا. وهكذا لو باع سيفا من قاطع طريق، أو سكينا من رجل قد أعلمه أنه يشتريه منه ليقتل به مسلما بغير الحق، كان البيع عليه حرام وأخذه الثمن حرام، وكان الشري علي المشتري حرام، وإعطاؤه الثمن حرام، ولكن العقد يكون ماضيا والملك من الجانبين واقعا. فكذلك بيع القينة وشراؤها.
واما تشبيهه صلى الله عليه وسلم ثمن القينة بثمن الكلب، فهو في تحريم الأخذ والإعطاء لا في منافاة الملك. وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(لا يحل اشتراء المغنيات ولا بيعهن ولا تجارة فيهن وثمنهن حرام) ثم تلا هذه الآية.} ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم {.
وما ذكره من المعنى قيل هذا، ففي سياق هذا الحديث دلالة عليه، لأنه صلى الله عليه وسلم أخبر أن الاشتراء أو البيع لا يحلان، وليس في ذلك ما يمنع من اعتقاد العقد، ولا ما يوجب تحريم عين الثمن، وإنما يوجب تحريم أخذ عين الفضل الذي فيه لأجل الغناء.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا يحل تعليم المغنيات ولا بيعهن ولا شراؤهن، ولا الجلوس إليهن، ولا الاستمتاع بهن) وعن أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه نهى عن بيع المغنيات وعن شراؤهن وعن كسبهن، وعن أكل أثمانهن، والنهي عن أكل أثمتنهن تنزيه لأن الملك إذا وجب حل الأكل. فأما التعليم