بأمانة الله) أي اتخذتموهن على شرط الله عز وجل، وهو قوله} فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان {. فاتقوا الله فيهن وعاشروهن بالمعروف وأدوا إليهن حقوقهن، ولا تؤذوهن ولا تضاروهن، فإن شرط الله لازم وحكمه نافذ والله أعلم.
وعلى هذا فمال الرجل أمانات الله تعالى عنده، وأباح له منافعهم وألزمه مؤنهم ووصاه بالإحسان إليهم، فلم يأذن له في قتلهم ولا جرحهم ولا ضربهم (من) غير ذنب، ولا تجويعهم ولا تعطيشهم ولا إجهادهم فبي العمل بما لا يطيقونه. فحرام عليه هذه الوجوه كلها منهم. وكذلك كل مال عند متمول فإنما له من جهة الانتفاع به وأداء حق الله تعالى فيه. فأما الإفساد فليس مما يملكه فيه، فلا يحل لأحد أن يغرق ماله في البحر إلا أن يتقي به نفسه، ولا أن يحرقه بيان، ولا أن يمزق ثوبه ويكسر آنيته. ولذلك كان حجر من لا يحسن تدبير ماله، أو كان فاسقا مبذرا من ماله حكما واجبا لم يزل من أول الإسلام يعملون به، ويرفق فيه الاحتياط. وليس لأحد في نفسه أيضا ما لا يكون صلاحا. فأما الفساد فلا يملكه في نفسه كما لا يملكه في غيره، فليس له أن يقتل نفسه، ولا أن يجرحها، ولا أن يحب نفسه أو يختصي، فيقطع بذلك نسله ويبطل الفائدة التي لأجلها خلق الله تعالى على صورة الذكورة. فإن كان ذلك خيانة منه للرجل وعز في نفسه وفي جنسه، وخصوصا لأهل دينه، ولا أن يغني ننفسه بمقال أو فعال. فينبغي له أن يؤدي الأمانة في نفسه وأهله ومماليكه. وكل ما يكون ومن يكون تحت يده لغيره من مودع أو نحوه، وليس شيء من الخيانة غير حرام. وبالله التوفيق.