وهكذا ولي اليتيم، ينبغي أن يلزم حد الأمانة في مال اليتيم كما وصاه الله عز وجل. فقال:} ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتلي هي أحسن {فلا يمسك ماله غير مبتغ فيه فضلا فتأكله النفقة، بل يتحر فيه لينفق عليه من فضله دون أصله. وإذا تحر لم يركب به لجج البحار، ولم يسلك به مسالك الأخطار، ولم يشتر به مالا فائدة فيه، وتكون عليه مؤؤونة له. ويجتهد في أن لا ينصرف في ماله إلا بما ينفعه، فإنه لم يول أمره إلا لينفعه. ولا يحل له أن يأكل من مال اليتيم إلا شيئا قد قدر له، إذا عمل ما يقبله وأدى الأمانة فيه، ولم يغشش ولم يخن، فإن خلط ماله بمال اليتيم، حتى إذا اشترى له طعاما حل له أن يأكل معه فذلك جائز، وإذا لم يزد على قدر ماله. قال الله عز وجل:} ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير، وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم الفسد من الصلح {. أي التوسع من المحتاط لليتيم على نفسه. وقد أجمل الله تبارك وتعالى التوصية من هذا الباب، فقال:} وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم، فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا {.
فينبغي لولي اليتيم ألا يعمل باليتيم ولا ما في ماله شيئا كان، لا يجب أن يعمل يتيم أو يخلف عنه وفي ماله ويتقي الله ويجعل هذه الموعظة أصلا لنفسه ومالا يجدبه، ويثني عليه أمره، وليس من جنس الولاية أن يحبس عنه من ماله ما يحتاج إليه، بل ينبغي أن يريح في المطعم والمشرب والملبس والمسكن عليه، ولا يسرف ولا يقتر ولكن يقتصد، وذلك عدل بين الغلو والتقصير والله أعلم.
وقد مضى ما يدخل في هذا الباب، في باب التعفف من الأموال المحرمة، وإنما أردنا بإفراد هذا الباب الدلالة على حكم الأمانة ومنزلتها خاصة لما كان فيها من الآيات والأخبار التي تختصها، فقد حصل من ذلك ما أردنا والحمد لله.
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(اتقوا الله في النساء فإنهن عندكم عوان، اتخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله). فيحتمل أن يكون قوله (اتخذتموهن