عليه، فقبل منهم، فقد خانوا الله وخانوا رسوله، وخانوا أماناتهم، وبدلوا فكان الصلح الذي كان فرضهم الغش الذي لم يكن يسعهم، وكل مسلم فينبغي أن ينصح لأخيه المسلم ولا يغشه. وخصوصا أن يكون إن استشاره. فقد جاء (أن المستشار مؤتمن) وأن علمه مقبلا على ما يستوهم عاقبته، وهو في غفلة منه، فينبغي له أن ينبهه من رقدته، ويدله على ما يعلمه من مصلحته، فيكون قدم له وأدى أمانة الإخوة في الدين إليه. وإذا استودع مسلم مسلما سرا فقبل منه أن يحفظه، فلا يحل له أن يخونه فيفشيه، وخصوصا إذا كان يتضرر بإفشائه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إنما المفلسون المتخالسون بأمانة الله، لا يحل لأحدهم أن يفشي على صاحبه ما يكره، فإن استودعه مالا فقبله، فينبغي له أن يحفظه، ثم حفظه وأكمله فإن تغيرت حال بينه، أو فارقه من كان يثق به من أهله، فينبغي له أن يعلم أن المستودع حال وديعته ليرى فيه رأيه، وهكذا إذا اراد سفر).
ولا يحل له أن ينتفع بما يضره ولا يضره، لأنه قد أمنه فيها. ولا يحل له أن يخونه وإذا استودعه فعليه أن يحل بينه وبينها، ولا يحل له أن يدفعه عنها بعدما طلبها إلا بعذر ين. وهكذا ولي المرأة، يلزمه إذا طلبت التزويج، ودعت إلى القران تزوجها، ولا يحل له أن يعضلها. فإن التزويج أمانة له عنده، فعليه أن يؤديها إذا أراد بها. وهكذا الشهادة أمانة عند الشاهد، فإذا طلبها صاحب الحق فعليه أن يؤديها لأنه تحملها للأداء لا لغيره، والعرض عنها إحياء حق المستحق، فإذا كتم الشهادة فقد خان أمانته، وأمات حق من يحمل الشهادة له، وقال الله عز وجل:} ولا تكتموا الشهادة، ومن يكتمها فإنه آثم قلبه {، وإنما قال- والله أعلم- آثم قلبه، ولم يقل آثم لسانه، وإن كان السكوت من عمل اللسان. وأداء الشهادة باللسان ترجمان القلب يؤدي عنه ما سمح به، واهتز لإظهاره. فإذا لم يكن من القلب إلا الضبط لما فيه حتى الهم يقذفه، ولم ينطق اللسان بالترجمة عنه بالقلب إذا هو الآثم دونه والله أعلم.