تخصيص ذروة الطعان لأن ما يبقى يفسد على غير الأكل، لأنه ليس كل واحد تسمح نفسه بأكل ما أصابته الأيدي، وجالت عليه.
فأما إذا حضرت الجماعة طبقا فيه ألوان شتى من الثمار، ـ وغيرها، فلا بأس أن يأخذ الرجل ما لا يليه لأنه وضع للجماعة. وكل شيء بما فيه فهو أيضا لهم في اشتهاء، بما ليس بين يديه، لم يمكنه أن يقضي حاجته بما بين يديه.
وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل (سم الله وكل مما يليك) ثم جئ بطبق فيه رطب فقال له (أجل يدك، فإنه ألوان) فكان في هذا معنيان: أحدهما أنه يشتهي من اللون الذي بين يديه، فإذا لم يمدد إليه يده سار محجورا عليه، فتبطل فائدة تقديم الطلب إليه.
والآخر: أنه لا يتقذر من وقوع يده على الرطب ما يتقذر من وقوع يده على الثريد والشيء الرطب والدسم. فلذلك أن خص له أن يحيل يده والله أعلم.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى بالطعام فوضع بين يديه لم يمد يده ما بين يديه. فإذا أتى بالتمر جال يده فيه. وأما إذا كان الرجل وحده، فإن لم يأكل مما يليه جاز، ولا ينبغي له أن يأكل من ذروة الطعام لما مضى ذكره. وإذا أكل مع غيره ثمرا فلا يفرق بين ثمرتين، إذا كان صاحب الثمر غيرهما. فإن كان أحدهما صاحب الثمر فله أن يفرق بين ثمرتين، والآخر إن علم حسن قلب صاحبه، فإن ذلك يعجب فلا يشق عليه، يفرق، وإن لم يكن له على ذلك ولاية فلا يفرق. وينبغي لكل طاعم ألا يستعمل من أصابعه إلا ثلاثا: السبابة والوسطى والإبهام. كذلك روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعله. قال كعب بن عجزة رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل بثلاث. قال هشام بن عروة: بالإبهام والتي تليها والوسطى.
وروي عنه أنه قال: أما أنا فلا آكل إلا متكئا وهذا- والله- لأنه من فعل