المتعظمين، وأصله مأخوذ من الأعاجم. فإن كانت برجل علة في يديه من شيء فكان لا يتمكن مما بين يديه إلا متكئا فلا بأس عليه من ذلك.
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يأكل الرجل بشماله ولا يشرب بشماله فإن الشيطان يأكل بالشمال). فيحتمل أن يكون معناه: أن التي هي له بمنزلة الطعام والشراب للناس. إنما تتلقاه بشماله. ويحتمل أن يكون معناه: فإن شياطين الإنس هم الذين يفعلون هذاا لأنهم كما يؤثرون: الأرذل الأحسن من كل معاملة، فكذلك يقدمون الشمال على اليمين في الأكل والشراب. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل أكل عنده بشماله:(كل بيمينك! فقال: لا أستطيع! فقل: لا استطعت، فما وصلت إلى فيه بعد) قال وجد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعتمد الإنسان على شماله إذا كان يأكل فقال: (آكل كم يأكل العبد. وأجلس كما يجلس العبد، فإنما أنا عبد). وكان النبي صلى الله عليه وسلم مختصرا، وفسر ذلك عثمان بن أبي زائدة عن عمارة بن القعقاع فرفع ركبتيه إلى بطنه، وإن أكل لحما نضجا فلينهشه نهشا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(انهشوا اللحم فإنه أهنأ وأشهى وأمرأ) ونهى عن أكل الطعام السخن جدا، وذلك- والله أعلم- لأنه من فعل المتعظمين الذين يروعون أنفسهم عن أن يكربوا. أصبعهم بالطعام، حتى إن منهم من يرفع اللقمة إلى فيه بطرف سكينه، ولا خصلة أقبح ولا أسوأ ولا أخوف من أن يوجب لصاحبها زوال نعم الله تعالى، وحلول سخطه عليه من أن يترفع عن مس رزقه الذي جعله الله قوام بدنه ومادة روحه. وهو لو أمكنه السجود عليه، لكان ذلك أهل، وليس يبعد أن يكون ذلك من سوء جواز النعم الذي حذره النبي صلى الله عليه وسلم، على ما بلغنا من عائشة، وقال لها:(يا عائشة احسني جوار نعم الله تعالى، فإنها قل ما ذهبت عن قوم فعادت إليهم).