للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: {وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله} علمنا أن المراد هو الفعل لأن القبول لا يكون بالمال. فإنه من فرائض الإيمان.

ثم أكد ذلك بقوله: {أولئك هم الصادقون} أي المحققون قولهم بفعلهم، والصدق لا يظهر في القبول وإنما يظهر الفعل، والذي يقول ولا يفعل ليس بصادق, فبان أن الآية في الفعل، وكل ما عداه من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر والتواصي بالصبر والمرحمة والحق فكله إيمان، والقول فيه وفي الجهاد واحد من الفعلة أن يتكلف الرجل هذه الفعول كلها لينفي أن تكون الطاعات إيمانا كما قلنا، ثم يذهب عليه أن هذه الأمور كلها طاعات والقول فيها كالقول في غيرها. وما أشبهه أن يكون معجبا فيغفله إعجابه، أو لم يجاوز في هذا الباب أحدا، وإنما تكلم على ما وجده في بعض الكتب والله حسبه.

وأما قوله: لو كان كذلك لم يكن على وجه الأرض مؤمن، فجوابه: إنه عن لم يكن على وجه الأرض من يستوفي شعب الإيمان، فلم يكن كذلك في الأرض مؤمن كامل الإيمان، لم يلزمنا لأجل ذلك أن ينقص من شعب الإيمان. أو يقول: أنها ليست شعب الإيمان، كما أنه لو لم يكن في الأرض من يزيد على التوحيد شيئا ويأبى الإقرار بالنبوة والرسالة والملائكة واليوم الآخر، لم يلزمنا أن نقول: إن مجرد التوحيد إيمان، لأنا إن لم نقل ذلك لم يكن في الأرض مؤمن. وأما بطلان الحساب الذي قصد به المؤمنون، فلا يكون وإن لم يكن في الأرض كامل الإيمان، لأن المقدار الحاصل من الإيمان الموجود من تعبدهم اسم المؤمنين ولاسيما إذا كان صريح الإيمان فقد وجد منهم، وإنما نقول ما يفوتهم من الإمارات والفروع وبالله التوفيق.

قال الرجل: وكذلك الجواب لمن يحتج، فمنهم بالخبر الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الدين نصيحة! فسئل: لمن؟ فقال: لله ولرسوله ولجماعة المؤمنين قالوا: فما لله؟ قال: التوحيد واتباع ما أمر. قالوا: وما لرسوله؟ قال: طاعته فيما جاء به. قالوا: وما لجماعة المؤمنين؟ قال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر). فإن المراد بذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>