فيفسده بذلك عليه. ويحتمل أن يكون المراد بالشيطان لرقة نفسها أي أنها قد تقع في الماء من النفخ فيفسد على مريد الماء لأنه يتقذره ويكرهه كما يكره الشيطان، ولا بأس بالشرب قائما. روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب من زمزم وهو قائم. وروى ذلك عن عائشة رضي الله عنها، وابن عمر قال ابن عمر رضي الله عنهما كنا نشرب ونحن قيام، ونأكل ونحن نسعى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه كره الشرب قائما لأنه داء، وقد كره ذلك علماء الطب ولم يأذنو فيه، وخصوصا لمن كانت في أسافله علة يشكوها من برد أو رطوبة، ولا يضع فاه إذا شرب عند قبض الإناء وعلى ثلمه إن كانت فيه. لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب في ثلمة الإناء، وقال:(فإن عليها شيطانا). وإنما أراد بالشيطان الأذى والوسخ الذي يعلق بالثلم في العادات. كما أمر إذا تثاءب الإنسان أن يضع يده على فيه لئلا يدخل الشيطان، وإنما أرد به ما عسى أن يمده النفس عن غبارة أو ذبابة إن كانت بالقرب، أو صوفة أو شعرة إن كانت في الهواء، فيما إذا علق بالفم، اضطرب منه النفس وغثيث، إلى أن يقذفه ويتخلص منه، ويشبه أن يكون سماه شيطانا لأنه مؤذي، مضر فشبهه به. كما يقال: للرجل الشجاع أسد، والبليد حمار. وقد يكون النهي عن الشرب من الثلمة لأن الماء لا ينزل منه كما ينزل من فم الإناء، لكنه يتفرق فيصب من حوافها ويبتل ثوب الشارب فيتأذى به، فكأن شيطانا هناك يكيده ويؤذيه. وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن اجتناب الأسقية. وقد قيل إنما نهى عن ذلك لأنه لا يطيب نفس كل أحد لشرب ماء اسأره غيره أو المتوضئ به، فلا يؤمن أن يفسد جميع ما في السقاء إذا شرب الشارب منه، وإنما نهى عن الاجتناب، لأنه كذلك يفعل ليسهل الشرب في الأسقية. وينظر في هذا الحديث من كتب غريب الحديث ومن ورد على نهر فليفرق بينه بكفه ولا يكرع فيه. روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا تشربوا الكرع- ولكن يشرب أحدكم في كفيه) وقد يكون النهي عن هذا ليعلم الشارب كم شرب ولا يتعدى ولا يسرف لئلا يضره الماء. ولأن الماء ربما كانت فيه قذاة يجري بها الماء عند مد النفس إلى فمه وحلقه فيتأذى به وإذا أبصر بها في كفه أراقه وأخذ غيره وإن كان الماء في حوض صغير أو مستنقع فيتكاثر الناس عليها كريهاً، أرسلوا