فيه أنفاسهم فربما صار ذلك سببا لامتناع غيرهم من الشرب فيكونوا كمن يشرب من الإناء فيتنفس فيه فيمنعه بذلك من غيره. وأما إذا كان ذلك من نهر جار فهذه العلة زائلة والله أعلم.
وإذا كان عند الرجل أصحاب عن يمينه وشماله، وشرب من لبن أو عسل أو ما كان من الأشربة المباحة، وأراد أن يشرك الحاضرين فيه. فليعطه للأيمن فالأيمن حتى إذا لم يبق منهم أحدا أعطى الأياسر.
وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب لبنا، وعن يساره أبو بكر رضي الله عنه، وعن يمينه إعرابي، فأعطى للإعرابي فضله، ثم قال:(الأيمن فالأيمن). وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بقدح فشرب، وعن يمينه غلام أصغر القوم والأشياخ عن يساره، فقال:(ما كنت لأوثر فضل فيك أحدا يا رسول الله، فأعطاه إياه). ويحتمل أن يكون جلوس أصغر القوم عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه كان جلس عند طرف المجلس على يسار الطريق، ورفع الأشياخ حتى أجلسهم في الصدر وأجلس الأعرابي دونه مما يلي الطريق. فصار عن يمينه وصاروا عن يساره. ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم جلس في صدر المجلس ما كان يجلس أصغر القوم عن يمينه والله أعلم.
فإذا كان الرجل ناحية يمين الذين يسقيهم فليكن آخرهم. روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر، فذكر أن في الماء قلة، فقحموا عليه فجعل يسقيهم أو أمر بسقيهم، فجعلوا يشربون ويقولون. يا رسول الله اشرب، فقال:(ساقي القوم آخرهم).
وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب علي وأسقي الناس، حتى بقيت أنا وهو، فقال لي:(اشرب. فقلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي، اشرب ثم اشرب، فقال: يا أبا قتادة، ساقي القوم آخرهم). ولا ينبغي أن تترك أواني