الطعام والشراب غير مغطاة وخصوصا بالليل. قال النبي صلى الله عليه وسلم:(أغلقوا الباب وأطفئوا السراج، وأوكوا الأسقية بالليل وخمروا الطعام والشراب ولو أن تعرضوا عليه بعود). وفي حديث آخر. (إذا أخذتم مضاجعكم فغلقوا الأبواب وخمروا الطعام والشراب، فإنكم إذا نمتم جاء الشيطان، فإذا وجد الباب مفتوحا دخل، وإن وجد الطعام والشراب غير مخمر أكل وشرب) ومعنى هذا- والله أعلم- إن الشيطان وهو الفاجر الذي يبغي الغوائل ويترصد الفرص يأتي، فإذا وجد الباب مفتوحا دخل لينال ما يريد وإن وجد الباب مغلقا رجع ولم يصل إلى ما يريد. وقد يدخل في جملة الشياطين الهوام الساعية، فإن فيها أعداء للناس. وقد تطوف بالليل فإذا وجدت بابا مفتوحا دخلت، وإن وجدت بابا مغلقا تجاوزت وهي التي ينبغي إحراز الطعام والشراب منها، لأنها تنبع الروائح. فإذا جاءت فوجدت إناء مكشوف الرأس أصابت منه. وإن كانت من ذوات السموم فقد تنفث منها من السم، وخصوصا إذا كان ما أصابت منه لبنا أو شيئا فيه لبن. وإن لم تكن من ذوات السموم فقد يفسد الطعام أو الشراب روائح أفواهها حتى يصير مضرا، وإن لم تكن كالسموم وأكثر ما يمات الناس بمثل هذا السبب. وإن جماعة أكلوا من رائب فماتوا كلهم. وكان سببه أنه كان في إناء لم يخمر، فجاءت حية فأصابت منه وألقت فيه سمها، والأمر في الباب أبين من أن يحتاج إلى إطالة القول فيه والله أعلم.
وأما أمره بإطفاء السراج فلأنه يشتعل من ناره. وقد قال أيضا:(لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون). وقال:(فإن الفويسقة تضرم على أهل البيت). ويحتمل أن معنى هذا أنه ربما يقلب القطعة من النار إلى جحرها. ولعل ذلك عند باب أو سرير أو حطب منضود. فربما اتقد منه واحترق البيت. ولم يكن البرد يشتد في تلك البلاد فتقع الحاجة إلى إمساك النار فلذلك نهى عنه.
وأما حيث تمس الحاجة إليه فلا بأس به، وينبغي لمن يحفظ من شر الفويسقة بما يتهيأ