للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دون نفسه. وأما جلد النمر فإنه حرمه لشعره، فإن شعر الميتة نجس، والدبااغ إنما يكون للجلد فلا يظهر غيره. وأما الخاتم لغير ذي سلطان، فيحتمل أن يكون المراد به ذو السلطان، ومن في معناه، لأن السلطان يحتاج إلى الخاتم ليختم به كتبه، ويختم به على أموال العامة، فكل من كانت بينه وبين الناس معاملات يحتاج لأجلها إلى المكاتبة، وعنده من ماله أو من مال غيره، وما يحتاج إلى الخاتم إلى الختم عليه للمبالغة في تحفظه، فهو في معنى السلطان، وله إمساك الخاتم. وأما من لا يمسك الخاتم إلا للتحلي به دون غرض آخر يكون له، فهذا الحديث أوجب أن يكون ذلك من الفعل الذي يدخل الخلااء منهي عنه والله أعلم.

والتحريم هو المنع، فقد يجوز أن تكون هذه العشرة ممنوعة ثم يكون المنع عن بعضها تنزيها، وعن بعضها تحريما، ويكون النهي عن التحلي بالخاتم بعد أن لا يكون من ذهب إلا لذي سلطان تنزيها والله أعلم.

وقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان له خاتم من حديد. وعن الحسن وابن سيرين وقتادة وإبراهيم والشعبي وعبد الله بن أبي الهذيل أن خواتمهم كانت في أيديهم اليسرى، ولم يحفظ عن أحد يحمد التختم لغير ذي سلطان فيشبه أن يكون المراد بالحديث ما ذكرنا والله أعلم.

ومعنى الفرق بين الرجال والنساء في الذهب والحرير أنهن خلقن مستمتعا للرجال، فجعل لهن أن يتزين على أعين أزواجهن بما يقدرون عليه، ليكون ذلك أوفر بحظوظ الأزواج منهن، وحظوظهن منهم. كما جعل لهن أن ينقشن أكفهن وأقدامهن ولم يجعل ذلك للرجال. ولا ينبغي لأحد أن يحلي لجام فرسه بذهب ولا فضة، وذلك مخالف لأن يتختم بالفضة، أو يحلي سيفه ومنطقته بفضة. فيجوز لأنه جعل له من حلية الفضة في سيفه ومنطقته ما قل، ولم يدخل في حد السرف، ويمكن مجاوزة ذلك أن حلية الدابة سرف، لأن الدابة حاملته، فلا تكون حليتها حلية له كالخاتم وهو بجراب مصحفه، وسيفه ومنطقته. ولا يحل لرجل ولا امرأة أن تشرب أو تأكل في إناء من ذهب أو فضة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يخرجه من جوفه نار)

<<  <  ج: ص:  >  >>