للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي إن كان كما يقولون فلا بأس به. وكذلك ما روى عنه من الصحابة أنه لم ينه عنه، فإن ذلك محمول منه على أنه ظن أن ذلك ليس ينهي به، وإنما يراد به النسب إلى علم القتال والمهارة فيه، أو على أن الخبر المسند لم يبلغهم، وإذا صح الخبر فلا حجة لأحد معه. وإنما الحجة فيه على الكافة.

فإن قال قائل: إذا كانت المسابقة بالخيل والبغال جائزة، وإن كان فيها ضرب من الخطر لأنه يستعان بها على القتال، ويستعد بهما للقاء العدو، فهلا قلتم أن اللعب بالشطرنج مباح لأنه يعلم به تدبير الحرب ويوقف به على كيفية استقبال العدو والاحتيال عليه والتخلص به.

فالجواب: إن هذا المعنى غير صحيح، لأن من تدرب في الركض والرمي نفعه ذلك عند لقاء العدو ولا محالة فإنه يقوى بالركض على الطلب في وقته، والهرب في حينه، والتقبل على النكاية في عدوه، والدفع به عن نفسه وغيره، وليس اللعب بالشطرنج مثلهما، لأنه قد يجوز أن يحذق فيه التلاعب ويتهمر، حتى إذا وقع إلى لقاء العدو كان أحذق الناس بتدبيره وأجهلهم بوجه أمره، فصح أنه ليس فيه ماا ذكروا من الفائدة.

وجواب آخر: وهو أن اللعب بالشطرنج لو كان يهدي إلى القتال، وصار ذلك من معاونه، لوجب أن يستحب ويندب إليه. فإن الله عز وجل يقول:} وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة {ولما أجمعت الأمة على أن تركه أولى من فعله ثبت أنه ليس في معنى السباق والنضال بالمال.

وأيضا فلو كان في معناهما لجاز أخذ المال عليه، كما يجوز السباق والنضال بالمال، ولما اجتمع العلماء على أن أخذ المال عليه حرام، وأن اللعب بشطر المال، فما يصح أنه ليس كالسباق والنضال. وأيضا فإن الفائدة التي تدعى لها إن كانت فيه فهي معمورة بالمكان التي عمدناها فكانت كالخمر التي حرمها الله تعالى مع إثباته المنافع لها، لأن إثمها أكثر من نفعها، والميسر كذلك والله أعلم.

وإذا ثبت أن اللعب بالنرد والشطرنج حرام، فحرام باللعب بالأربع عشرة، وكل لعب شاركهم في معناهما مثله. وروى عن عمر رضي الله عنه، أنه دخل على بعض أهله

<<  <  ج: ص:  >  >>