السكر فإن كانت الخمر إنما حرمت لأنها تسكر، فتصد بالإسكار عن الصلاة، فليحرم اللعب بالنرد والشطرنج لأنه يغفل ويلهي، فيصد بذلك عن الصلاة.
فإن قيل: والتجارة قد تلهي والنوم أيضا يحول عن الصلاة، ثم لا يجوز تحريمها.
قيل: قد قلنا في ابتداء الاعتلال. أن اللعب لهو، وذكرنا أنه يوقع العداوة والبغضاء بين أهله، وليست التجارة ولا النوم بلهو، ولا بموقع عداوة بين الناس، فكيف ينتقض معنا بأنهما أو بأحدهما.
فإن قال قائل عن عمر رضي الله عنه أنه سئل عن الشطرنج فقال: وما الشطرنج؟ فقيل أن امرأة كان لها ابن وكان ملكا، فأصيب في حرب دون أصحابه، فقالت: كيف يكون هذا؟ أرأيته عيانا فعمل لها الشطرنج، فلما رأته تسلت بذلك. ووصفوا الشطرنج لعمر رضي الله عنه فقال: لا بأس بما كان من إله الحرب. وروى عن بعضهم قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمر بنا ونحن نلعب بالشطرنج فلا ينهانا. وعن أبي البسر كعب بن عمرو وكان شهد بدرا، أنه كان يراهم يلعبون بالشطرنج فلا ينهاهم فما أنكرتم أن يجوز اللعب بالشطرنج من غير قمار، لهذه الأخبار، ومعنى ما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون، التي كانوا يلعبون بها صورا ممثلة، فلهذا المنكر العكوف عليها، وفي هذا جمع من الأخبار فهي أولى من حملها على الاختلاف.
فالجواب: أن الملاعب التي تسمى شطرنج يلحقها اسم التماثيل صورا كانت أم غير صور لأنها ممثلة ببني آدم وغيرهم من الحيوانات من أسمائها وشبهة بالمقابلة في مناحيها، فلم يكن لتأويل خبر علي على أن الذي لها صور مصورة وجه أدهى. وإن لم تكن مصورة فاسم التماثيل واقع عليها.
وأما خبر عمر فلا حجة فيه، لأنه لم يقل لا بأس بالشطرنج، وإنما قال: لا بأس بما كان آلة الحرب. وإنما قال هذا لأنه شبه عليه أن اللعب بالشطرنج مما يستعان به على معرفة أسباب الحرب.
فلما قيل له ذلك، ولم يحط به علمه ولا بخلافه. قال: لا بأس ما كان آلة الحرب،