للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعثني بالحق أن من نام بالنهار ومن غير أن يكون مصليا بالليل مقته الله) وذكر الحديث إلى أن قال: (وأن من لعب بالشطرنج ولنرد والجوز والكعاب مقته الله. ومن جلس إلى أن يلعب بالشطرنج والنرد فينظر إليهم محيت عنه حسناته كلها وصار ممن مقته الله) وذكر الحديث إلى أن قال: (ومن جلس مع اللعانين والضرابين بالطنابير ويغنون عليها، وأعطاهم على ذلك من ماله مقته الله) وذكر الحديث إلى أن قال: (من أعطاه الله مالا وبسط له في الرزق وأكل وشرب بالضرب والزمر من اللهو واللعب مقته الله) والنظر يدل على تجنب اللعب بالنرد والشطرنج قمارا، او غير قمار. لأن الله عز وجل لما حرم الخمر، أخبر بالمعنى منها، فقال:} إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة {فهو كشرب الخمر، فأوجب أن يكون حراما مثله.

فإن قيل: إن شرب الخمر يورث السكر، فلا يقدر معه على الصلاة، وليس في اللعب بالنرد والشطرنج هذا المعنى.

قيل: قد جمع الله تبارك وتعالى بين الخمر والميسر في التحريم ووضعهما جميعا بأنهما يوقعان العداوة والبغضاء بين الناس، ويصدن عن ذكر الله وعن الصلاة. ومعلوم أن الخمر إن اسكر فالميسر لا يسكر، ثم لم يكن عند الله أن اقترافهما في ذلك يمنع عن التسوية بينهما في التحريم لأجل ما اشتركا فيه من المعاني. فكذلك افتراق اللعب بالنرد والشطرنج بشرب الخمر في أن شرب الخمر يسكر، واللعب لا يسكر، لا يمنع من الجمع بينهما في التحريم لاتفاقهما بما فيه من المعاني التي ذكرناها والله أعلم.

وأيضا: فإن قليل الخمر لا يسكر، كما أن اللعب بالشطرنج لا يسكر، ثم كان حراما مثل الكثير. فلا ينكر أن يكون اللعب بالنرد والشطرنج حراما مثل الخمر، وإن كان لا يسكر.

وأيضا: فإن ابتداء اللعب يورث الغفلة، فتقوم تلك الغفلة المستولية على القلب مكان

<<  <  ج: ص:  >  >>