للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه- والله أعلم- علة أخرى تعم الرجال والنساء، وهو أن ذلك تلهى وعنت من المرء بجوارحه، وليس ذلك بمملوك لأحد من نفسه لأنه باطل، فالتلذذ بالباطل كالتألم بالباطل، والله أعلم.

فصل

وأما لعب الصبايا باللعب التي نسميها بالبنات، فإنهن لا يمنعهن منه ما لم تكن تلك اللعب أشباه الأوثان، فإن عمل منه من خشب أو حجر أو صفر أو نحاس شبه آدمي تام الأطراف، كالوثن كبيره، ولم يجز إطلاق إمساكه لهن. وأما إذا كانت الواحدة منهن بأحد طرفه فبلغها ثم يشكلها بشكل من أشكال الصبايا أو يسميها بنتا أو أما، ويلعب بها، فلا يمنع منه، ولهن في ذلك فائدتان: إحداهما عاجلة والأخرى آجلة. فأما العاجلة فالاستئناس الذي هو في الصبيان من معادن النشوء والنمو، فإن كان صبي كان أنعم بالا أصيب نفسا وأشرح صدرا، كان أقوى وأحسن نموا، وذلك لأن السرور يبسط القلب، وفي انبساطه انبساط الروح وانتشاره في البدن، وقوة أثره في الأعضاء والجوارح.

وأما الآجلة فإنهن سيعلمه بها ما يؤمن من ذلك معالجة الصبيان وحبهم وحصانهم والشفقة عليهم، ويلزم ذلك طبائعهن حتى إذا كبرن وعاين لأنفسهن ما كن تسرين به الإمساك من الأولاد كن لهن بالحق، كما كن لتلك الأشباه بالباطل.

وجاء في ذلك من الأمور عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تلعب بالباب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: وكانت صواحبي يأتيني وكن يتمنعن من رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسر بهن إلي. فدل هذا الحديث على أن لأولياء الصبيان أن يطلقوا لهن اللعب بما يسميها البنات، ولا حرج عليهم في ذلك والله أعلم.

والفرق بين اللعب وبين تصاوير ذوات الأرواح، أن تلك تجتهد في استتمام شبه ذي الروح فيها، فصارت كالأوثان، واللعب بخلافها.

وأما الصبيان فكل لعب اشتغلوا به مما لا يخشى عليهم ضرر في العاجل

<<  <  ج: ص:  >  >>