للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باسمه الذي سماه به أبوه ويضع له لقبًا يريد أن يسبه به ويستذله، فيدعوه به. ثم قال: {بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان} فأبان أن فعل هذه المحظورات فسوق بعد الإيمان. والإيمان يوجب مواصلة أنداده على اعتراض على الموجود منه بما لا يليق به. ثم قال: {ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون}. أي الظالمون أنفسهم يسوقها إلى النار والعذاب الأليم، ثم قال عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن، إن بعض الظن إثم}. فأبان أن ظن القبيح بالمسلم كهمزه ولمزه ونهره والسخر به والهزؤ به، ونهى عنه وأخبر أنه إثم. ونهى عن التجسس وهو تتبع أحواله في خلواته وجوف داره والتعرف له. فإن ذلك إذا بلغه شيئًا وشق عليه، فكان التعرض له من باب الأذى الذي لا موجب له، ولا مرخص فيه، ولأن تتبع هذه الأمور كالاطلاع على ما وراء الباب والستر، وإذا كان ذلك حرامًا كان التتبع من غير الاطلاع مثله.

ولأن البيوت أكناف الناس وحصونهم فمن يتبع عوراتهم ويجس أحوالهم في خلواتهم كان كمن أتاهم من مأمنهم وأفسد عليهم إحرازهم، وكل ذلك حرام ممنوع.

ثم نهى عن الغيبة، فقال: {ولا يغتب بعضكم بعضًا} أي لا يذكره هو غائب عنه فلو كان حاضرًا فسمعه لسب عليه.

وشبه الاغتياب بأكل لحم الميت لأن الميت لا يشعر بأن يؤكل لحمه، كما لا يشعر الغائب بأن يثلب عرضه. وقال النبي صلى الله عليه وسلم (ما صام من صلى يأكل لحوم الناس) فشبه الوقيعة في الناس بأكل لحومهم. فمن ينقص مسلمًا ويثلب عرضه فهو يأكل لحمه حيًا. ومن اغتابه فهو يأكل لحمه ميتًا.

ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغيبة فقيل: (يا رسول الله، أرأيت إن كدته بما فيه، قال: إنك إن ذكرته بما ليس فيه فقد بهته) فأبان إن الغيبة المحترمة هو أن

<<  <  ج: ص:  >  >>