عنه، ثم يعاقبهما على أنهما عملا لا لوجه الله تعالى، وباعا ثواب الله تعالى بمحمدة الناس، يحتمل وجهين.
أحدهما أن يقال أن الذي جاء به الحديث من قول الله تعالى، فقد قيل ذلك اذهبوا به إلى النار، أخبار بأن المرائي يعاقب على عدوله عن قصد وجه الله تعالى إلى وجه الناس ومعنى هذا أنه استخف حق الله تعالى واستهان نعمته، فلم يجز أن يقصر ذلك من مقدار ذنب غيره، والذنوب كلها موجبة العقاب، وكذلك هذا، أو الوجه الآخر أنه لا يعاقب، ولا يثاب.
ومعنى الحديث أن هذه الأعمال التي يتراءى بما لا يعمل فينتقل بها في ميزانية وترجح بها كفة الطاعات كفة المعاصي، لا أنه يعاقب على الرياء بالنار، وإنما عقوبة الرياء إحباط العمل فقط، ووجه هذا أنه عمل ما عمل عبادة لله عز وجل، إلا أنه زاد بعمله حمد الناس فإذا أحيل عليه، فقد جوزي بصنيعه، وليس له وراء ذلك ذنب يستوجب عقابًا، لأن جميع عمله شيئان: أحدهما: فعل لم يخل من أن يكون فعله عبادة لله تعالى لأنه لو أراد عبادة غيره به لكفر. والآخر: فصده أن يمدحه الناس بفعله لا أن يثاب عليه.
فأما الأول فليس بذنب. وأما الثاني فهو الذنب. فإذا لم يتب ويصر على قول الناس فقد جوزي فثبت أن ذلك يصادق أمره والله أعلم.
فإن قيل: أرأيت أن رأى وأراد أن يمدحه الناس فلم يشتغل به الناس ولم يمدحوه ولم يثنوا عليه ولم يعلموا أخيرًا عمل أم شرًا؟
قيل: لا يؤجر لأنه لم يرد بما عمل وجه الله تعالى. فإن كان الناس لم يقولوا فيه ما أراد، فإنما هو رجل خسر الدنيا والآخرة فشبه أن يكون من عذاب الآخرة أبعد، لأن حزب الله تعالى هم النابين عنه حتى لم ينل منهم ما أراد من جملة العقوبة. فإذا جاز أن يكون ثناؤهم عليه لو أثنوا على جميع جزائه، جاز أن يكون قول ثنائهم ومدحهم إياه جميع عقوبته والله أعلم.
ومما جاء في ذم المراءاة بالخير، وشيطان الشر قوله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمن كالبيت