واحد من الناس في خاصته والوقت الذي هو للجمهور. وسنتكلم على جميع ذلك بالشرح والإيضاح إن شاء الله.
وأما التوبة فهي الرجعة. ومعنى تاب إلى الله أي رجع إلى الله، كأن المذنب ذاهب أو ابق من الله تعالى لمفارقته طاعته ومخالفته أمره، فإذا نزع مما هو فيه وعاد إلى الطاعة كان كالعبد يرجع إلى سيده، فنزل نزوعه وعودته إلى الطاعة رجعة، وعبر عنها بالتوبة وحد التوبة القطع للمعصية في الحال إن كانت دائمة، والندم على ما سلف منها والعزم على ترك العود إليها تعبدًا لله تعالى وتقربًا بذلك إليه، وإن لم تكن المعصية دائمة فالندم على ما مضى والعزم على ترك العود، وهاتان الخصلتان متفق عليهما. ثم ينظر في الذنب الذي تكون التوبة منه، فإن كان ذلك ترك صلاة. فإن التوبة لا تصح منها تنضم إلى التوبة والندم قضاء ما فات منها. وهكذا إن كان ترك الصوم أو تفريط في الزكاة إن كان ذلك قتل نفس بغير حق، فإن تمكن من القصاص إن كان عليه وكان مطلوبًا به. فإن عفى عنه بمال وكان واجدًا له فإن يؤدي ما عليه. قال الله عز وجل {فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان}.
وإن كان قذفًا يوجب الحد فبدل ظهر الحد إن كان مطلوبًا به فإن عفا عنه كفاه الندم والعزم على ترك العود بإخلاص، وإن كان ذلك حدًا من حدود الله تعالى، فإنه إذا تاب إلى الله تعالى بالندم الصحيح سقط عنه. وقد نص الله تعالى على سقوط الحدود من المحاربين إذا ماتوا قبل القدرة عليهم. وفي ذلك دليل على أنها لا تسقط عنهم إذا ماتوا بعد القدرة عليهم. ولعل وجه ذلك أنهم متهمون بالكذب والتصنع فيها إذا نالتهم يد الإمام. أو أنهم إنما يندمون في مثل تلك الحال على ما فعلوا إلا لسوء الصنع، ولكن لأنه قدر عليهم فصاروا الغرض أن يثكل بهم، وإذا تقدمت توبتهم القدرة عليهم فلا تهمة. والظاهر أن استبصارهم بسوء صنعهم هو الذي يدينهم.
وأما الشراب والسراق والزناء إذا تابوا وأصلحوا وعرف ذلك منهم ثم وقعوا إلى الإمام فلا ينبغي له أن يحدهم وإن وقعوا إليه، فقالوا: أثبنا، لم ينزلوا، وهم في هذه