حذرًا من سوء العاقبة. فإن الردة وإن عرضت لم تخرج المرتد إن كان مؤمنا حين سئل عن دينه فقال: إني مؤمن، والله أعلم.
فأما من أنكر من السلف إطلاق اسم الإيمان، فالموضع الذي يليق به ما قال: أن يقول: أنا مؤمن وأعيش مؤمنا وأموت مؤمنا أو ألقى رب مؤمنا ولا يستثني. وكذلك قال عبد الله، ويقال له: أفي الجنة أنت؟ لأن من مات مؤمنا كان في الجنة، وليس كل من كان مؤمنا ساعة من عمره أو يوما أو سنة كان في الجنة. فعلمنا أن عبد الله إذا قال هذا لمن اتكل على أن لم يجد في قلبه إلا حب الإيمان والركون إليه، والنبو عن الكفر والبغض له، فقطع لذلك أنه مؤمن مطلق في عامة أحواله وأوقاته، فلا يعيش إلا مؤمنا ولا يموت إلا مؤمنا ولم يكل أمره إلى الله تعالى بذاك.
وأما قول المؤمن: أنا الآن مؤمن، فليس مما ينكر، وهو نظير قوله أن كان قائما: أنا قائم، وإن كان قاعدا أنا قاعد. وليس هذا بالذي ينكر، بل هو الذي لا يجوز غيره والله أعلم.
وأما الذي يصح من هذا ومن الاستثناء فهو أن يكون الخير في المستقبل خاصة فيكون المؤمن أرجو أن يمن الله على بالتثبت ولا يستثني هدايته بعد إيمانه. وحديث علقمة وإبراهيم موضوع في هذا الموضع. والاستثناء موضع آخر يصح فيه ويحسن وهو أن يرد على كمال الإيمان لا على أصله وأشد، كما نفى أن رجلا سأل قتادة: أمؤمن أنت! يقال: آمنا، أنا مؤمن بالله وبكتبه ورسله والبعث بعد الموت وبالقدر خيره وشره من الله.
وأما الصفة التي قال الله عز وجل:{إنما المؤمنون الذي إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون، الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم}. فلا أدري أنا منهم أم لا! فقد أبان قتادة أنه قد آمن الإيمان الذي يبعده عن الكفر، ولكنه لا يدري استكمل الأوصاف التي حكى الله تعالى قوماً من المؤمنين،