نجاها بدمها ولحمها سبعين ضعفًا حتى توضع في ميزانك، وينبغي لكل ذابح أن يحد الشفرة ويذبح الذبيحة، ولا ينبغي للمقرب أن يقرب إلا النفيس السوي، قال الله عز وجل:{ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}. فقيل في تفسير التعظيم أنه استسمان الهدي واستحسانه.
وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن أفضل الرقاب. فقال:(أغلاهما ثمنًا وأنفسها عند أهلها). فإذا كان هذا في العتق، هكذا هو في الهدي، والأضحية مثله.
وجاء عن بعض الصحابة قال: كنت سابع سبع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرنا أن يجمع كل واحد منا درهمًا، فاشترينا أضحية بسبعة دراهم، فقلنا: يا رسول الله! لقد أغلينا فيها. فقال:(بلى، أحب الضحايا إلى الله أغلاها وأسمنها). قال وأمرنا فأخذ رجل منا يدًا والآخر يدًا، والآخر رجلا والآخر رجلا، والآخر قرنًا، والآخر قرنًا وذبح الطابع وكبرنا عليه جميعًا. واختلف في الأنعام أنها أفضل أن يضحى عليها. والثابت عندنا أن الأفضل البدن، ثم البقر والغنم أدون الضحايا، لأن الله عز وجل كما قال:{فما استيسر من الهدي} كان أيسر ذلك شاة، فعلمنا أن ما عداها أرفع منها. ولأن الله عز وجل ذكر بهيمة الأنعام في كتابه وخص البدن بالذكر فامتن بأنه حلها لنا لنتقرب بها إليه. فدل ذلك على أنها أغلى ما يتقرب به إليه عز اسمه، ودل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم من راح في الساعة الأولى، فكأنما قرب بدنه ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقره، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشًا أقرن. ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما قرب بيضة، فلما كان الرواح في الساعة الأولى أفضل من الرواح في الساعة الثانية والثالثة، علمًا أن ما جعله مثلا له من تقريب بدنه أفضل من الذي جعله مثلًا لما بعده، ودل عليه أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بأن البدنة تجري عن سبعة، والشاة لا تجري إلا عن واحد، فكان المقرب ببدنه كالمقرب