بسبع من الغنم، ومعلوم أن التقرب بسبع من الغنم أفضل من التقرب بشاة. فوجب أن يكون التقرب ببدنه أفضل من التقرب بشاة.
وكذلك البقرة أفضل من الشاة لأنها تجري عن سبعة. وجاءت الأخبار بأن البدنة تجري عن عشرة والبقرة عن سبعة، ولكن الأخبار في سبعة أثبت. والناس على هذا دون القول الآخر. ويشبه أن يكون إلحاق البقرة في هذا بالبدنة، وإن كانت أصغر جثة منها لأنها تحمي نفسها. وهي مع ذلك كبيرة الجثة، وإن لم تكن كالبدنة، فنزلت من البدنة منزلة البدنة الصغيرة من البدنة الكبيرة، ولهذا كان حكم البقر أيضًا له حكم الإبل، فلم يكن لأحد وجد بقرة ضالة بفلاة أن يأخذها كما لا يكون له أن يأخذ بعيرًا ضالًا، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم منع من أخذ الإبل أن قال:(ملك ولها معها سقاؤه وحذاؤها، ترد الماء وتأكل الشجر وترد السباع بقرونها، والحركة عن نفسها كما تذود الإبل بعظمها وقوتها) فلما تقاربا من هذا الوجه أجزى كل واحد منهما من سبعة. وكانت أفضل من باب التقرب إلى الله عز وجل بهما من الشاة الضعيفة، التي لا فرق في حكم الضلال بينها وبين قطعة لحم تصاب والله أعلم.
واحتج من ذهب إلى تقديم الشاة أن الله عز وجل فدى ولد خليله عليه السلام بكبش. وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(أتاني جبريل عليه السلام، فقلت له: كيف رأيت سنتنا في أمر أضحانا هذا، فقال: قد عجب أهل السماء! واعلم يا محمد أن الجذع من الضأن خير من المسن من المعز، لو علم الله ذبحًا أفضل من ذبح إبراهيم لأعطاه. قلت: ما كان ذبح إبراهيم؟ قال: الذي قرب ابن آدم).
فالجواب: إن هذا الحديث ليس بثابت: ولو ثبت لكانت الحجة فيه، ولم يخالف. وقد يحتمل منع ذلك التأويل، وهو أن المقابلة وقعت بين الخدعة من الضأن والمسن من المعز، فكان معني لو علم الله ذبحًا أفضل من ذبح إبراهيم لأعطاه أي في الإتيان من صنف الغنم لا في أصناف النعم، كأنه أراد الخدع من الضأن أفضل مما دون الخدع من الضأن،