للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: كيف يجوز أن يصح هذا؟ فالنبي صلى الله عليه وسلم إن كان فيهم وليهم بالنبوة، والنبوة لا توجد فيمن تقام مقامه من بعده، ولا يمثل شيء بشيء ليحكم له بحكمه، إلا بعد أن يكون معنى الأصل موجودًا فيه.

قيل: والكعبة إنما تستقبل عند الحضرة بالعيان والعيان نابت مع الثاني، ثم لم يمنع ذلك من تمثيل حال الغيبة بحال الحضرة، إذا أجمعت بعض الإمارات التي لا تختلف دلالتها بين الحالين. فلذلك النبي صلى الله عليه وسلم. فإن كان يطاع ويتبع للنبوة، فإن النبوة إن لم توجد فيمن يجتمع عليه من بعده، فلذلك لا يمنع من يمثله في وجوب الطاعة به إذا قدر من معاني الصلاح والاستصلاح فيه ما كان مستيقنًا منهما في النبي صلى الله عليه وسلم، وبالله التوفيق.

فإن قيل: لو جاز أن يقام بعد النبي صلى الله عليه وسلم أحد مقامه بالاجتهاد لم يقدر فيه من معاني الصلاح والاستصلاح، جاز أن يتخذ أحد في حياته إمامًا إذ ١ قدر فيه من معاني الصلاح والاستصلاح.

قيل: أيفعلوا؟ فمن قال؟ ولو جاز أن يصلي عند النأي عن البيت إلى جهة من الجهات، أتقدر ببعض الأمارات من أن القبلة فيها، لجاز أن يصلي عند الحضرة بمثل هذا الاجتهاد، لا يتكلف العيان، وإن كان ممكنًا فيتطرق بهذا إلى المنع من الصلاة في حال تعذر العيان. فالاجتهاد، فإن كان هذا لا يلزم ولا يدل المنع من التحري عند إمكان العيان على المنع منه عند العجز عنه، فكذلك ما قلتموه لا يلزم، ولا يدل المنع من نصب الإمام الاجتهاد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم على المنع منه بعده وبالله التوفيق.

فصل

وإذا أراد الاجتهاد نصب إمام حين لا إمام لهم، فأول شرائط الإمام أن يكون من قريش، والثاني أن يكون عالمًا بأحكام الدين، يصلي بالناس فلا يؤثر في عوارض صلواته من جهل مما يحتاج إليه في إتمام صلاته، ويأخذ الصدقات فلا يؤثر فيها من جمل بأوقاتها وأقدارها ومعارفها، والأموال التي فيها ويقضي بينهم فلا يؤثر فيما ينظر فيه بين الخصمين ويفضل به بينهما من جهل ما يحتاج إليه. ويجاهد بالمسلمين في سبيل الله عز وجل، فلا

<<  <  ج: ص:  >  >>