للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان ينقطع بالاختلاف إليه عن كثير من أوراده. فإن كان في البيد من يصل الناس إلى حاجاتهم من العلم به، وكان هذا إذا حضر الإمام، قبل الإمام قوله وتشفعه فيمن يتشفع له، وانتهى عما ينهاه عنه أو يوجب ذلك له في الأكثر، فليغشه وليلزم مجالسته للغوث والرحمة، إلا أن يخش أن ينس ما حفظ من القرآن أو دعاه من العلم. فيسأل الإمام أن يخليه وقد يقرأ فيه ما شاء من القرآن، ولدرس ما بدا له من العلم، فإن أبي لم تكن عليه طاعته والله أعلم.

ذكر كفاية الإمام: وإذا كان للناس إمام فكفايته في بيت مال المسلمين من خمس الخمس أسهم النبي صلى الله عليه وسلم، ومن التركات التي لا يعلم لها مستحق ولد ولا زوجه، وكفايته ما شد له حلة، وإفادة في الناس مرده في صدور رعاياه هشة، وسدد له على الأعداء قوة، وأما شد الحلة فهو الذي يحتاج إليه كل أحد من المطعم والملبس، سلطانًا كان له أو غير سلطان. وأما المردة، فهي أن لا تكون ثيابه رثة به وقيع عن مثلها أكبر رعاياه، ولا من نوع مسترذل، ولا يكون طعامه نزرًا قليلًا مضطرًا لأجله إلى الإنفراد به عن خاصته وبطانته ولا يفصل عنه. وإذا أراد أن يكرم به أحدًا أو يتصدق به على من يحتاج لم يقدر عليه، ولا يكون من يسبب من يؤثره إلى حقارة النفس ودناءة الطبع، ولا يكون مسكنه ضيقًا حقيرًا ولا وضيع البناء، وفير البسط والفرش، ولا يبتذل بخدمة نفسه أو استخدام زوجته أو ولده دون مملوك واحد أو أكثر يمسكه لخدمته، وخدمة من يؤويه من الزوار وغيرهم، ولا أن يتخذ السير في الأسواق وأطراف البلد لنفسه عادة، أو يركب حمارًا أو دابة مستحقرة أو سرجًا خسيسًا. فإن هذا كله يزري ويسقطه عن أعين الناس ويعرضه لأن يهذي به ويتحدث عنه بما يحقر منه. وإذا طال ذلك نزعت هيبته عن الصدور. فينبغي أن يتوقى ذلك ويتكلف من الطعام واللباس والمسكن والخدم ما ترفعه عن حد الضمة، ويبلغه بعض منازل الرفعة، ولا ينتهي إلى حد الإفراط والسرف، فيتخذ له من الطعام مما يجتمع عليه إما كل يوم، وإما كل يومين أو ثلاثة أيام مع خاصته وأهل كرامته، ويفضل عنهم لعياله وخدمه من يراد مواساته من الجيران وغيرهم، ويتخذ له من اللباس ما يرتضى من ملابس الرجال بقدر ما يكفيه لإدامة التجميل حتى لا يحتاج إلى أن يلبس ثوبًا دنسًا أو خلقًا قد ذهب رواؤه، أو يتمرأ ما يرى من خلاله

<<  <  ج: ص:  >  >>