للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو قال الكافر: آمنت بالذي لا إله غيره لم يكن مؤمنا لأنا لا ندري من يريد ولعله يريد عظيم قومه أو الوثن حتى يقول آمنت بالله الذي لا إله غيره فإن قال: آمنت بالله وبمحمد لم يكن مؤمنا بمحمد وكان مؤمنا بالله لأنه أثبت الإله بهذا القول وإثباته إياه إيمان به، وقد أثبت محمدا أيضا إلا أن إثباته إياه في نفسه، ليس بإثباته نبيا، فلا يؤمن به حتى يقول: آمنت بمحمد رسول الله، ولو قال آمنت بمحمد الرسول لم يكن ذلك لقوله آمنت بمحمد النبي، لأن النبي لا يكون إلا لله والرسول قد يكون لغير الله.

وإذا قال الكافر لا إله إلا المحيي المميت، فإن لم يكن من القائلين بالطبائع كان مؤمنا، وإن كان منهم لم يكن مؤمنا لأنهم ينسبون الحياة والموت إلى الطبيعة حتى يقول لا إله إلا الله أو الباري، أو يأتي بلفظ لا إشكال فيه ولا شبهة.

وإن قال يهودي: لا إله إلا الله لم أجعله بهذا مؤمنا لأني لا آمن أن يكون أفاد ملك قومه، وقد قال فرعون: {يا أيها الملأ أعلمت لكم من إله غيري} وقد كان ملكهم. وهكذا إن قال لا إله إلا الرازق أو الرزاق، لأنه قد يريد بذلك ملك الجند الذي يقيم لهم العطايا، ولو قال لا ملك إلا الله أو لا رازق إلا الله جعلته مؤمنا، لأنه إن كان أراد ملك قومه فإنما نفى عنه الملك فأضافهما إلى اله عز وجل وهو في ذلك محق.

وعلى هذا قول القائل: لا إله إلا الله العزيز، وقوله: لا عزيز إلا لله، ولا إله إلا العظيم، ولا عظيم إلا الله. ولا إله إلا الحليم ولا حليم إلا الله. ولا إله إلا الكريم ولا كريم إلا الله. وإذا قال: لا إله إلا الملك الذي في السماء أو إلا ملك السماء، كان مؤمنا.

وقد قال الله عز وجل: {أأمنتم من في السماء} وهو يريد نفسه وليس ذلك على أنه محصور فيها، لكن بمعنى أن أمره ونهيه إنما جاء من قبل السماء، وإن قال: لا خالق إلا الله، كان مؤمنا، وقد تقدم القول فيه. فإن قال: لا إله إلا الخالق، فهو كذلك، لأن من أثبت مع الله أصلا قديما للموجودات، لم يقل: أن ذلك الأصل إله، ويزعم أن الله خلق ما خلق من ذلك الأصل، ولا يكون قوله: لا إله إلا الخالق توحيدا، حتى يعترف بأن لا قديم سوى الله.

وإن قال الكافر: لا إله إلا الرحمن أولا رحمن إلا الله، أو لا إله إلا الباري، أو لا باري إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>