للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله عليهما. فإن الله عز وجل لا يقبل الإيمان ممن آمن به حتى يؤمن برسله ولا يفرق بين أحد منهم، فإن فعل تم إيمانه، وهكذا إن كان نصراني يقول: لا إله إلا الله أنه يزعم: أن عيسى ابن الله فتبرأ من قوله، وقال: المسيح عبد الله ورسوله صحت بذلك كلمته، وإنما ينبغي أن يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، فإن فعل تم إيمانه.

وإن كان نصراني يقول: لا إله إلا الله، ويزعم مع ذلك أن عيسى هو الله، ثم يرجع وقال: عيسى خلق الله وليس هو الله صحت بذلك كلمته، فإن آمن يتبع ذلك نبينا صلوات الله عليه، كما إيمانه.

وإذا قال أحد البراهمة الذين يؤمنون بالله ويوحدونه، ولا كفر منهم إلا جحد الرسول محمد رسول الله، صار مؤمنا لأن كفره لم يكن إلا جحد النبوة، فإذا قبلها زال الكفر. ولو قال: إبراهيم رسول الله أو أقر بذلك النبي قبل محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن مؤمن لأن إقراره بنبوة من قبله إقرار بنبوة بعض الأنبياء، وإقراره بنبوة جميع الأنبياء لأنه صدقهم وشهد لهم.

وإذا قال اليهودي الذي لا يشبه أو النصراني الذي يقر بأن عيسى عبد الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فإن كان من الذين يزعمون أن محمدا رسول الله، ولكن إلى العرب خاصة، أو أنه لم يبعث، لم يكن مؤمنا حتى يتبرأ من قوله الذي هو ضلالة وكفر، وإن كان يرى من قبل أن محمدا ليس برسول ولا نبي بعد موسى أو عيسى صار بما أقر به مؤمنا. وإن قال الكافر: محمد رسول الله، ولا إله إلا الله، أو محمد رسول الله الذي لا إله غيره أو إلا هو، كان هذا كله كفر. لا إله إلا الله محمد رسول الله.

وإن قال المعطل: محمد رسول الله، فقد قيل: يكون مؤمنا لأنه أثبت الرسول والرسل معا، وليس في أنه ينفي بلفظه أن يكون لله شريك ما يفسد إيمانه لأن كفره إنما كان من قبل التعطيل لا من قبل التشريك. وإذا قال الكافر لا إله إلا الله آمنت به المسلمون كان حرا مؤمنا، أخبر الله تعالى عن فرعون أنه لما أدركه الغرق قال: {آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل} فرد إيمانه لأجل الحال. وقيل له: الآن يدل ذلك على أنه لو قال في غير تلك الحالة لقبل منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>