منه، وإذا أراد التولية فليبرأ، فليستخر الله عز وجل وليسأله التوفيق والتسديد، وليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر وأنت علام الغيوب. اللهم إن كان هذا الأمر خيرًا لي في آخرتي ودنياي فيسره لي، ووفقني له، وإن كان شرًا لي في دنياي وآخرتي فاصرفه عني وباعد بيني وبينه. فإنه يروى هذا أو معناه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وإذا تقلد فينبغي أن يوكل المتميزين، التميز الثقات الأمناء من إخوانه، وأهل العناية بنفسه، ويسلهم أن يتفقدوا أحواله وأموره. فإن رأوا منه غيره نهوه عليها ليتداركها يروى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: وليتكم ولست بخيركم، فإن الشيطان يعتريني. وقد كان بعض الناس يحمل قوله: ولست بخيركم على أنه أراد خيرهم نسبًا، وهذا السياق يدل على غيره، وهو أنه أراد: وليس بخيركم كالنبي صلى الله عليه وسلم فلا أزيغ ولا أزل، ولست بمعصوم إنما كانت العصمة للنبي صلى الله عليه وسلم، فإن زغت أي اجتهدت فأخطأت فراجعوني ودلوني على خطأي. فإن الخطأ جائز علي لأرجع إلى الحق ولا أتمادى في الباطل، وإن عصيت فراعوني أي إن أمرت في حال الغضب بشيء فانظروا في أمري، فإن الشيطان علي من السلطان ماله منه على أمثالي فلا آمن أن يسعدني الغضب فيفسد علي رأيي، ويقرب علي البعيد ويحسن إلى القبيح. فإن ظهر شيء من ذلك لكم فأعلموني ولا تمنعني مكاني من مطالعتي فيما تنكرونه من قولي وفعلي. وهذا كله إشارة إلى السوي من العصمة إذا كان الناس إذا شاهدوا قبله نبيًا معصومًا مات كيلا يظن ظان أنه إذا كان إمامًا من بعده كان معصومًا مثله والله أعلم.
فصل
وكما ينبغي في الراغب في الحكم ما ذكرنا، فكذلك الإمام الذي يريد أن يولي غيره من الحكم ما ولاه الله عز وجل، ينبغي له أن لا يقتصر على تعرض الخاطب لما تعرض له لكي يسأل عنه أهل العلم والدراية والفطنة. والثقة والأمانة، فإن زكوه له ولاه وإن لم يزكوه تركه. وإن كان الإمام من أهل العلم والفهم، فينبغي له أن يمتحنه بمسائل بلغتها عليه