والفضل والأمانة، فمن خبره وينظر حاله وأمر على نفسه، ويقول إني أريد القضاء فما ترون في أمري؟ وهل تعرفوني صالحًا أو لا؟ فإن هذا من المشورة التي وصى الله تعالى بها نبيه صلى الله عليه وسلم فقال:{وشاورهم في الأمر، فإذا عزمت فتوكل على الله}. ومدح الذين يتشاورون، فقال:{وأمرهم شورى بينهم} وإن لم يسأل الجماعة سأل عنه واحدًا يثق به، فإن عرفه بعض ما فيه، ما كان غافلا عنه، فقدر أن زكي، مضى لما هم به، وهذا أيضًا بين الوجه والمعنى، لأن المرتجية نفسه، قد لا ينظر من أحواله وأوصافه إلى ما يحسن ويحمل، فإن منزلته من ولده إذا كانت بهذه المنزلة، فلذلك قيل: زين في عين والد ولده، فلأن تكون منزلة نفسه منه، هكذا أقرب. وإذا كان ذلك معقولًا وجب على كل أحد زكته نفسه له أن يتشكك فيها ويسبب ذلك من غيره، فيعلم أن نفسه صدقته أو ليست عليه. وإذا سأل ما يسأل بعيدًا لا يعلم منه إلا ظاهره، وإنما يسأل عنه الغريب الذي يخبره، ويتحقق من أمره، فإن الله عز وجل يقول:{ولا ينبئك مثل خبير} وإذا سأل عن نفسه غيره، فينبغي المسئول أن ينصح له ويصدقه. قال النبي صلى الله عليه وسلم:(ألا إن الدين النصيحة، قيل: لمن يا رسول الله! قال: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، ولأن المستشار مؤتمن).
ولا ينبغي للمؤمن أن يخان، قال الله عز وجل:{فليؤد الذي اؤتمن أمانته، وليتق الله ربه}. وقال:{لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم} وقال صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا).
وقال مالك بن أنس رضي الله عنه: ما أفتيت حتى سألت من هو أعلم مني، هل تراني موضعًا لذلك! سألت ربيعة ويحيى بن سعيد فأمراني بذلك، فقيل له: فلو نهوك قال: كيف أنتهي، لا ينبغي لرجل أن يرى نفسه أهلا لشيء، يعني يسأل من هو أعلى