للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرجع) فإذا كان العامل على الصدقة كالغازي إذا لم يجر ولم يعتد. والقاضي أشرف منه عملًا، فهو بأن يكون كالمعاهد في سبيل الله إذا عدل أولًا. وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاء بما يسمع). فماذا كان لطالب العلم هذا الفضل، فمن ضم إلى طلبه العمل به فهو للفضل أولى، والعمل يصلح الأحكام ويفسدها، وحمل الناس عليها وأخذهم بها. فلذلك شبهه السلف بالعبادة، وفضله بعضهم عليها والله أعلم.

فصل

وإذا دعا الإمام رجلا إلى عمل من أعماله، قضاء أو غيره، والرجل ممن يصلح له فأبى فإن وجد الإمام من ينوب في ذلك أعفاه، وإن لم يجد أحدًا يقوم مقامه فيه أجبره عليه دعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه سعيد بن عامر الجمحي، فقال: إني مبعثك على ارض كذا وكذا، فقال: لا تعيني، قال: والله لا أدعكم، قلدتموها عنقي ثم تتر كونني. وقد يحتمل هذا تفصيلا هو أن الإمام إذا كان ولى أعماله القريبة منه رجلا ونفى عليه عمل بعيد، فلم يجد إلا رجلا واحدًا يصلح له وأراده عليه فامتنع منه. فإن كان الرجل يصلح لبعض الأعمال الدانية، والتي يتولى ذلك العمل يصلح للعمل البعيد، وكان أن أمره أجاب، فلا كراهية، والكاره له إن ولي العمل القريب كان ذلك أخف على قلبه فينبغي للإمام أن يترقى بالأدنى فيعد إلى البعيد غيره، ويولي هذا مكانه لئلا يكون قد أجلاه بلا ذنب أحدثه. وإن كان يكره القريب كما يكره البعيد، ولا يكره البعيد لأجل النأي والغربة، نظر الإمام في أمره بما يريه الله عز وجل.

فصل

وإذا كان عند الرجل أنه يصلح للقضاء، فأراد أن يطلبه أو دعاه الإمام إليه، فأراد أن يجيبه، فلا ينبغي له أن يستحي بما في نفسه من طلب أو إجابة حتى يسأل أهل العلم

<<  <  ج: ص:  >  >>