للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتوقره لله عز وجل). وعن النبي صلى الله عليه وسلم: (الله مع القاضي ما يم يجر، فإذا جار تخل عنه ولزمه الشيطان).

وأما الآثار فمنها ما روي عن قيس بن عباد لقوم: إمام عادل أفضل في نفسي من عبادة رجل في ست وستين سنة. وقال ابن مسروق: لأن أقضي يومًا واحدًا بعدل أحب إلي من أن أغزو سنة في سبيل الله.

وقال الحسن: نعم أمة تدخل في عدل في ذلك على كل أهل بيت من المسلمين خيرًا. وقال ابن عباس: بلغني أن حاكمًا يعدل في بلد فأفرج بذلك، وما نال به أهل ولا مال.

ثم من المعلوم إن شاء بينه لله تعالى عباده في أرضه، إنما هي أحكامه وحدوده، وإن ظلت علمها في الوجوب كعلم العبادات، وإن العلم إنما يحتاج إليه للعمل، فلولا وجوب العمل لم يجب العلم، وإذا كان كذلك لم يجز إذا كانت الأحكام من الله تعالى واقعة، والحدود على أهلها واجب، وطلب العلم الذي به يهتدي إلى ما شرع الله تعالى منها فرضًا لازمًا أن يكون القائم بهما مذمومًا أو متوعدًا، والقيام بهما مكروهًا أو مقبحًا. فصح أن كل ما جاء بخلاف ما رويناه في هذا الباب فمحمول على تعظيم أمر القضاء، والدلالة على حظره ورفعة قدره، لا على الكراهية أن فيه قبحًا أو متاعًا، أو سقاطة، وأن من نفر منه فلا سفاقة من أن لا يقوم بحقه، ولذلك ينفر من نفر عنه، هو على معنى الإشارة للأحواض إذا كان من الحظر بحيث لا ينبغي أن يأمن كل أحد نفسه عليه. ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتولاه بنفسه، وبذلك بعثه الله تعالى، وبعث عليًا ومعاذًا وغيرهما قضاة، فلا كان القضاء مكروهًا، والقاضي ملومًا لما شرع الله تعالى القضاء، ولا أمر به أنبياءه ورسله صلوات الله عليهم، ولا يولي رسله صلى الله عليه وسلم القضاء أحدًا، ولا كان القضاء ولاية بل كان سفهًا وسفاهة، وفي القول بهذا هدم للإسلام ودفع للأحكام، وما دعا إلى ذلك فهو من أعظم الفساد، وقد قيل: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العامل على الصدقة كالغازي في سبيل الله حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>