من كان غنيًا فليستعفف، ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف، ولا أكل حلوًا ولا مرًا، ما كان من شيء، فلم يأكل منه شيئًا حتى سلك لسبيله.
وبعث عمر بن الخطاب رضي الله عنه عمار بن ياسر على الصلاة والحرب وابن مسعود على القضاء وبيت المال، وعثمان بن حنيف على مساحة الأرض، وجعل بينهم شاة كل يوم، شعرها وبطنها لعمار، وربعها لابن مسعود، وربعها لعثمان بن حنيف. ووالله ما أرى أرضًا تؤخذ منها كل يوم شاة سيسارع ذلك في خرابها.
وقال نافع: استعمل عمر رضي الله عنه زيدًا على القضاء، ورزقه على ذلك، فعرض له ألفًا، وكتب عمر إلى أبي عبيدة ومعاذ بن جبل حين بعثها إلى الشام: انظروا رجالًا صالحين من قبلكم فاستعملوهم على القضاء، وارزقوهم واسبغوا عليهم واعفوهم من مال الله.
وقال عامر بن شريح رضي الله عنه: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يرزق في كل شهر ماية درهم. وقال ابن أبي ليلى: بلغني أن عليًا رزق شريحًا خمسماية درهم.
فصل
وإذا ارتزق القاضي لم يسعه أن يصيب وراء ذلك من رعيته شيئًا. يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(من استعملناه على عمل من أعمالنا ورزقناه عليه شيئًا، فما أصاب بعد ذلك أو فما سوى ذلك فهو سحت). وإن أهدى إليه شيء لم يكن له قبوله، فإن كان المهدي من قبل خصومه فأهدى ليحكم له، أو لئلا يحكم عليه، فهذا هو الرشوة، وهي سحت. لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. فالراشي وهو الذي يمشي بينهما. وإن أهدى إليه المحكوم بعد الحكم شكرًا لم يقبل، لأن ما فعل كان واجبًا عليه.
فصل
وإذا تحاكم إلى حاكم المسلمين موادعون، كان بالخيار بين أن يحكم بينهم وبين أن