من بين أظهركم. وإنما قال ذلك لأنه حمل الأمر على أنهم يحدثون في السر أحداثًا، أي كانوا لا يجاهدون بها خيفة له. فلذلك يخوفهم الله تعالى بآياته. فكذلك إذا ظهر الفساد وشاع حق لم يستطع تغييره، فليس إلا الخروج من بين المفسدين والله أعلم.
وينبغي للمصلحين في عامة الأوقات أن يكونوا مجانبين للمفسدين لا يخالطونهم ولا يضيفونهم ولا يشاورونهم في أمورهم ولا أمور العامة، فإن ذلك نوع من الاستدلال يرجى أن يردهم عن الباطل الذي هم فيه، إلى الحق الذي هو أولى بهم. وفي حربهم على خلاف هذا، يحشرهم وتجريبهم في السكوت عنهم إن أظهروا المنكر أعزاء وهم به، ويستقبل سبيلهم إليه، فلا ينبغي أن يصار إلى واحد منهما والله أعلم.