للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمكن فيها الاشتراك، إن يقع الاشتراك من الناس فيها، فما بر يعوض، وخير يبدوا، فيحتاج فيه على التعاون والاشتراك إلا وذلك مندوب إليه، مأمور به لتكون العوارض معتبرة بالأصول الثابتة المبينة، وبالله التوفيق.

وكل ما قلته في التعاون على البر والتقوى، فهو في ترك التعاون على الإثم والعدوان مثله، لأن كل الناس إذا تركوا التعاون على الإثم والعدوان، فلم يوجد ذلك الإثم، صار كل واحد منهم كأنه ترك إمامًا، لأنه لم يأثم بنفسه، وقال بترك المعاونة بين أصحابه وبين الإثم، ولأنه وافق غيره من أهل الدين على ما رواه من جسم مادة الإثم من وخامة العاقبة فقعد عنه، ولم يشرع فيه. ولأنهم إذا لم يتعاونوا على الإثم والعدوان، فقد خالفوا بين الإثم والبر، بأن صانوا الدين عن أن يشيع في أهله ما يخالفه، كما إذا تعاونوا على البر والتقوى، فقد ظاهروا الدين حتى وجد من أهلها ما يليق به ويوافقه، فلم يرضوا الإثم بأن يظهر كما لم يرضوا اللين بأن بتكتم والله أعلم.

والتي تلي الآية التي صدرنا بها الباب، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا. فقيل: يا رسول الله، هكذا ينصره مظلومًا فكيف ينصره ظالمًا؟ فقال: يكفه عن الظلم).

ومعنى هذا أن نفس الظالم مظلوم له من جهته، كما قال عز وجل: {ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه} فكما ينبغي أن ينصر المظلوم إذا كان غير نفس الظالم ليدفع الظلم عنه. لذلك ينبغي أن ينصر إذا كان نفس الظالم ليدفع ظلمه عن نفسه.

وإذا أمر كل واحد بنصر أخيه المسلم إذا رآه يظلم وقد علا نصرة لأن الإسلام إذا جمعهما صارا كالبدن الواحد. كما أن أخوة السبب لو جمعتهما لكانا كالبدن الواحد، إذ الدين أقوى من القرابة، وأولى بالمحافظة عليه منها. وإلى هذا وقعت الإشارة بقوله عز وجل: {إنما المؤمنون إخوة، فأصلحوا بين أخويكم}. وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل المسلمين في تراحمهم وتواصلهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى بعضه تداعى سائره

<<  <  ج: ص:  >  >>