وقال إنني من المسلمين} مقام قول: لا إله إلا الله، فثبت بذلك أن كل واحد من الكلامين صالح للعقد.
فالجواب: أن هذا إن كان هكذا، فيقول المؤذن في أذانه: لا إله إلا الله، ليس من العقد وإنما هو تأكيد للعقد الذي سبق بتطوع منه، ولو أجيز له أن يقول مكانه: إني من المسلمين، فقال: لم يكن منه الاحتراز أو ليشأ، أو ينكر أن يكون هذا القول في موضع الخبر كافيا.
وجواب آخر: وهو أن الله عز وجل إن كان جعل المؤذن بقوله: لا إله إلا الله قائلا إني من المسلمين، فقد جعله بقوله: حي على الصلاة داعيا إلى الله فليقم قول القائل: أنا أدعوكم إلى الله، مقام قوله: حي على الصلاة.
وجواب ثالث: وهو أن المسلمين أجمعوا على أن المؤذن أن أبدل قوله: لا إله إلا الله بقوله: إني من المسلمين، لم يقم ذلك مقامه مع ما أن الآية فيه، فكيف يستقي منها أن الكافر إذا أراد الإسلام فقال: أني من المسلمين، قام ذلك مقام قول "لا إله إلا الله" ويدل على مفارقة العقد الخبر أن الكافر إذا قال: أسلمت لله، قام هذا مقام شهادة الحق ولم يتم إيمانه حتى يشهد بنوبة صلى الله عليه وسلم. ولو توهمنا قولنا: أسلمت، كافيا ما قام ذلك إلا مقام شهادة الحق وحدها.
ومعلوم أنه إذا سئل عن دينه فقال: أنا من المسلمين، كان هذا إقرار بدين، فلم يدخل فيه التوحيد، والإقرار بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم وقبول جميع ما جاء به من عند الله، وهكذا لو قال: أسلمت وهو يريد أمخبر أني قد صرت من المسلمين، فعلم بهذا أن صلاح كل واحد من هذين اللفظين لما صلح له من معنى الخبر لا يوجب صلاحه للعقد والله أعلم.
فإذا قيل له أسلم، فقال: طال ما أنا مسلم مثلك، أو طالما أنا مسلم مثلكم، أو طالما مسلم منكم، كان هذا إقرار بالإيمان يوجد به. وإن كان كافيا في قوله لم يكن بين الله تعالى وبينه مسلما، كرجل طلق امرأته ثم قال لرجل غيره: طلق امرأتك فقد طالما أنا مطلق مثلك. أو أعتق عبده، فقال لرجل: أعتق عبدك! فقال: طالما أنا معتق مثلك، أو حلف بالله ثم قال لغيره: أحلف، فقال: طالما أنا حالف مثلك كان هذا