إقرار بما يقول، فإن كان كذبا وارد بما قال التلبيس عليه، لم يكن عليه فيما بين الله تعالى وبينه شيء مما قال، والله أعلم.
فصل
وإن قال مسلم لمسلم: يا كافر، فهذا على وجهين: إن أراد أن الدين الذي يعتقده كفر، كفر بذلك، وإن أراد به كافرا في الباطن ولكنه يظهر الإيمان نفاقا، لم يكفر، وإن لم يرد شيئا لم يكفر لأن ظاهره أنه رماه بما لم يعلم في نفسه مثله، ولأن الإسلام ثابت له باليقين فلا يخرج منه بالشك، وإذا تمنى مسلم كفر مسلم، فهذا على وجهين:
أحدهما: أن يتمناه كما يتمنى الصديق لصديقه الشيء سيحسنه، فيجب أن يكون له فيه نصيب، فهذا كفر لأن استحسان الكفر كفر.
والآخر: أن يتمناه له كما يتمنى العدو لعدوه الشيء يستقطعه، فيجب أن يقع فيه، فهذا ليس بكفر. تمنى موسى صلوات الله عليه بعد أن أجهده فرعون، أن لا يؤمن فروعن وملأه ليحق عليهم العذاب، وزاد على ذلك أن دعا الله تبارك وتعالى فقال:{ربنا اطمس على أموالهم وأشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم}. فلم ينكر الله تعالى ذلك عليه لعلمه أن شدته على فرعون وغلظه عليه لما رآه من عتوه وتجبره هي التي حملته على ذلك، فمن كان في معناه فله حكمه.
فصل
وإذا نوى مسلم أن يكفر إن كان كذا، وإذا جاء وقت كذا، كفر بالحال. وإن نوى كافر أن يسلم إن كان كذا له إذا جاء وقت كذا، لم يكن بذلك مسلما، لأن كافرا لو قال أسلمت لم يكن بهذا القول مسلما، فأولى أن لا يكون مسلما. أو نوى أن يقول ذلك لوقت مستقبل ولما نقله، ولأن الإسلام فرض دائم ولا يصح إلا مع الإخلاص، فإذا نوى مسلم أن يكفر غدا فقد أفسد الإخلاص بما أحدث من عزيمة الكفر ففسد