ناظرًا إلى عورة نفسه لا يرى عورة عبده، فإن الاحتجاب عن الله غيره ممكن، وبالله التوفيق.
والأصل في هذا قول الله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات: من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء، ثلاث عورات لكم، ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن} فأمر المؤمنين أن لا يتكشفوا للمماليك ولا للصغار المراهقين، فينظروا إليهم وهم غير متسترين، لئلا تقع أبصارهم على عوراتهم. وأمرهم أن يحتجبوا عنهم، فلا يدخلوا عليهم في هذه الأوقات، إلا بعد الاستئذان، فيستترون إذا سمعوا الاستئذان، ثم ينادون ولو جاز الإذن لهم على ما هم عليه من التكشف لم يكن لغرض الاستئذان، ففي هذا ما أبان أن ترك الاستحياء بالتكشف مذموم، وإن النظر إلى التكشف الذي رفض الحياء جانبًا مذموم مثله، والله أعلم.
قال أنس بن مالك رضي الله عنه، كنت خادمًا للنبي صلى الله عليه وسلم، فكنت أدخل عليه بغير استئذان، فجئت يومًا فقال:(كما أتيتني يا بني، فإنه قد حدث بعدك أمرًا، لا تدخلن إلا بإذن). وهذا على أنه جاءه في بعض هذه الساعات الثلاث، فلذلك منعه من أن يدخل إلا بإذن. ولو جاءه في غيرها لم يمنع من الدخول بعد استئذان، لأنه كان خادمًا، وخادم الرجل قريب المعنى من مملوكه ومن الذي لم يبلغ الحلم. فإذا كان لهؤلاء أن يدخلوا في غير الساعات الثلاث من غير استئذان إن كان ذلك للخير الكبير إذا كان خادمًا لم ينه والله أعلم.
وأما الدخول على النساء، فإن النساء في عامة الأوقات بمنزلة الرجال في هذه الساعات الثلاث، لأن المرأة في بيتها خالية بنفسها أو بزوجها أو بقرابتها، وصغير ببابها فكان عنقها وبعض صدرها وقدماها متكشفة، ولعل شعرها أو بعضه لذلك يكون، فلا يجوز إلا لمن لا يحل له النظر إلى هذه الأشياء منها، فله أن يدخل من غير هذه الأوقات الثلاثة بغير إذن. ولا يدخل في هذه الأوقات الثلاثة إلا بإذن، لأنه قد تكون وضعت جميع