رواية أخرى (فإنكم لا تدرون ما تهجمون عليه). وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:(سوء الخلق شؤم وسوء الملكة بها، وصلة العمر يزيد في العمر، والصدقة تدفع مسة السوء) وجاء عن نفر بن الصحابة رضي الله عنهم أنهم اقضوا الخادم من الولد في الضرب، واعتقوا الخادم لما لم يرد القصاص. وقال حبيب بن أبي ثابت رضي الله عنه: كان يقال لا تجمعوا علي الخدم الليل والنهار. يعني: نجوهم بالليل إذا عملوا بالنهار.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه ركب بغلة ذات يوم، فأردف غلامه خلفه. فقال قائل: لو تركته يسعى خلف دابتك. فقال أبو هريرة رضي الله عنه: لأن يسعى معنى صنمان من نار يحرقان ما أحرق، أحب إلي من أن يسعى غلامي خلف دابتي. وجاء أنه كان لديباغ بن سلامة غلام فغضب عليه، فخصاه وجدعه. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأغلظ لديباغ القول وأعتقه منه، فقال: أتوصي لي يا رسول الله فقال: (أوصي بك كل مسلم).
ومعنى هذا أنه أمره أن يعتقه كفارة لإساءته إليه، لا أنه جعل الجدع والخصى اعتاقًا كما ظنه بعض العلماء ثم قاس عليه كل مثله، والله أعلم.
فصل
وينبغي لمن أراد أن يشتري مملوكًا أن يسحن النية في شرائه، ويعزم على التخفيف عنه والإحسان إليه، ولا يشتريه إلا وهو في رأيه صالح له، دون أن يرضاه غيره له، وهو لا يرضاه لنفسه، ويقدم استخارة الله فيه. فإذا اشتراه أخذ بناصيته فقال: اللهم أني أسألك من خيره وخير ما جبل عليه، وأعوذ بك من شره وشر ما جبل عليه، فإن ذلك مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم. والأخبار والآثار في هذا الباب كثيرة، وقد كتبنا منها ما