للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعنه صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة أن تحلق شعر رأس الحسن وتتصدق بوزنه من الورق في سبيل الله، ثم ولدت الحسين، فصنعت مثل ذلك.

فأما المعنى في تأخير الحلق عن الذبح، فهو أن تتكامل الفدية في الشعر والبشر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا خل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعر وبشره شيئًا، أو فلا يأخذن). وإن أراد بذلك أن يتكامل معنى الفدية في الشعر والبشر، فكذلك هذا. وإذا كان معنى تقديم الذبح على الحلق، هذا وكان الشعر الذي طال تقلبه على الناس أذى، فبالحري أن يتعجل الذبح ليتوصل به إلى الحلق، فهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم (كل غلام مرتهن بعقيقته فأهريقوا عنه دمًا وأميطوا عنه الأذى) أي الحلق منظر به الذبح، فأريحوا عنه لتريحوه. وعلى هذا يجري أمر المحرمين، لأن يستحب لمن لا دم عليه أن ينسك يوم الإحلال. وإذا أراد ذلك ذبح أو نحر ثم حلق. فهكذا كل ذبح وحلق اجتمعا. فسنة الحلق أن يؤخر عن الذبح والله أعلم.

وأما كراهية الاقتصار على حلق بعض الرأس، فلما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع- والقزع أن يحلق الصبي ويترك بعض رأسه وأنه رأى صبيًا حلق بعض رأسه وترك بعضه، فنهى عن ذلك، وقال: (احلقوه كله، أو اتركوه كله). وهذا شبيه بما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن ينتعل الرجل بإحدى رجليه. وقال: (ينتعلهما جميعًا أو ليخلعهما جميعًا).

وروي عن أبي إبراهيم رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم (إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى، وإذا خلع فليبدأ باليسرى، أو ليخلعهما جميعًا أو لينتعلهما جميعًا).

وأما أن التقصير لا يقوم مقام الحلق، فلأنه صلى الله عليه وسلم قال: (وأميطوا عنه الأذى). وفي حديث آخر (يحلق). فدل على أن السنة هي الحلق، وليس في التقصير إماطة الأذى

<<  <  ج: ص:  >  >>